بالأمناء عقيب الملامسة بروايتي أبي بصير وحفص بن سوقة المذكورتين (١) وردهما بضعف السند ثم قال : والأصح ان ذلك يفسد الصوم إذا تعمد الانزال بذلك. انتهى
أقول : فيه أولا ـ ان الاستدلال بالصحيحة المذكورة على خصوص الاستمناء مبنى على كون «حتى» في الخبر تعليلية ، وهو غير متعين وذلك فإن أهل العربية قد صرحوا بان ل «حتى» الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثة معان : أحدها ـ ان تكون بمعنى «الى» فتكون لانتهاء الغاية نحو قوله عزوجل (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٢) وثانيها ـ بمعنى «كي» التعليلية فتكون للتعليل كما في قوله عزوجل : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ) (٣) وقوله (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتّى يَنْفَضُّوا) (٤) ومنه قولهم «أسلم حتى تدخل الجنة» والثالث ـ مرادفة «إلا» في الاستثناء ، واستدلال السيد بالخبر مبنى على المعنى الثاني وهو غير متعين بل يحتمل البناء على المعنى الأول وهو الغاية ، والمراد انه عبث بأهله الى أن حصل منه المنى ، فيكون من قبيل خبري أبي بصير وحفص بن سوقة (٥) وبذلك يظهر انه لو خص حكم الإفساد بتعمد الانزال كما جنح إليه أخيرا بناء على ما فهمه من الصحيحة المذكورة فإنه لا دليل عليه ظاهرا من الأخبار.
وثانيا ـ ان الخبرين المذكورين وان كانا ـ كما ذكره ـ ضعيفي السند بناء على اصطلاحه إلا ان الحكم بما دلا عليه إجماعي لا خلاف فيه ، ولذلك عمل بهما من عداه من أصحاب هذا الاصطلاح ، وهو ايضا قد صرح في غير مقام من شرحه هذا بقبول الأخبار الضعيفة المجبورة باتفاق الأصحاب على القول بمضامينها ، ولكنه (عطر الله مرقده) ليس له قاعدة يقف عليها ولا ضابطة يعتمد عليها.
تفريع
اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في من نظر الى امرأة فأمنى فقال
__________________
(١ و ٥) ص ١٢٩.
(٢) سورة طه الآية ٩٤.
(٣) سورة البقرة الآية ٢١٥.
(٤) سورة المنافقين الآية ٨.