الفطر لكان لا معنى لبقية الكلام في هذه الاخبار ولا لتفسير الرؤية بما ذكر فيها لأن حكم الرائي لا يتوقف على غيره كما لا يخفى.
وبالجملة فمساق هذه الأخبار وأمثالها إنما هو بالنسبة إلى بيان الرؤية التي يترتب على العلم بها ممن لم ينظر وير العمل بمقتضاها.
ويؤيد ذلك انه لم يرد في اخبار هذا الباب على كثرتها وانتشارها ما يدل على وجوب الرؤية على كل فرد فرد من أفراد المكلفين مع وجوب ما يترتب على ذلك من صيام وإفطار المأخوذ فيهما البناء على العلم واليقين.
بقي في المقام إشكالان : أحدهما ان هذه الاخبار ـ من حيث دلالتها على عدم الاكتفاء في الرؤية بالاثنين والثلاثة بل لا بد أن تكون على تلك الكيفية المتقدمة ـ ربما نافى بظاهره ما دل على الاكتفاء في ثبوت الهلال بشهادة العدلين من الأخبار المستفيضة.
والجواب عن ذلك من وجهين : أولهما ـ ان تحمل هذه الأخبار على عدم وجود العدلين في جملة أولئك الناظرين فلا بد حينئذ من الكثرة الموجبة للعلم.
الثاني ـ ولعله الأقرب ـ أن تحمل هذه الأخبار على ان الغرض منها بيان ثبوت الرؤية بالشياع وتفسير معنى الرؤية التي يثبت بها الشياع من غير ملاحظة لوجود العدلين وعدمه ، بمعنى انه متى شاعت الرؤية على هذه الكيفية بين الناس على وجه أفاد السامع بها العلم وجب العمل بمقتضاها على نهج ما تقدم في الاخبار السالفة الدالة على امره عليهالسلام بالصيام والإفطار بصيام الناس وإفطارهم ، لان اتفاقهم على الصيام أو الإفطار مؤذن بالاتفاق على الرؤية كلا أو بعضا ، فيجب العمل بمقتضى رؤيتهم من غير ملاحظة لوجود العدلين فيهم وعدمه ، إذ متى رئي الهلال في بلد من غير علة هناك فإنه لا يختص برؤيته ناظر دون ناظر ، لأن الفرض عدم العلة والمانع من جهة السماء ومن جهة الناظر فلا يختص ذلك بالعدلين ولا يتوقف عليهما ولا يحتاج إليهما.