الإشكال الثاني ـ ما تضمنته صحيحة الخزاز من إيجاب الخمسين مع عدم العلة في السماء.
والجواب عن ذلك يقع من وجهين. أحدهما ـ ان ما دل على خلاف هذا الخبر أكثر عددا وأقوى سندا وأوضح دلالة ، وحينئذ فقضية الترجيح عند التعارض هو المصير الى ذلك دون ما دلت عليه هذه الصحيحة.
ولا يرد ان رد هذا الحكم منها يستلزم ردها كملا فلا تصلح للاستدلال بها والاعتماد عليها في المقام.
لأنا نقول : قد صرح غير واحد من علمائنا الفحول (رضوان الله عليهم) بان رد بعض الخبر لمعارض أقوى لا يستلزم رد ما لا معارض له منه بل هو من قبيل العام المخصوص في ذلك.
الثاني ـ ارتكاب جادة التأويل فيها بالحمل على بيان العدد الذي يحصل به الشياع غالبا ويكون كناية عن الكثرة التي يحصل بها العلم واليقين من غير خصوصية في ذلك لخصوص الخمسين.
هذا. ولم أر من تنبه للاستدلال بهذه الاخبار على هذه المسألة من علمائنا الأبرار (رضوان الله عليهم) ولا من كشف عنها نقاب الإبهام في المقام ولا من جمع بينها وبين اخبار العدلين على وجه يزول به التنافي في البين.
ثم انه لا يخفى ان من اكتفى من أصحابنا (رضوان الله عليهم) في معنى الشياع بمجرد الظن ـ إلحاقا له بالظن الحاصل من شهادة العدلين ، أو اعتبر الزيادة في هذا الظن على ما يحصل بقول العدلين لتتحقق الأولوية المعتبرة في مفهوم الموافقة كما صرح به شيخنا الشهيد الثاني (قدسسره) ـ فظني انه لا يخلو من نظر : أما أولا ـ فلعدم الدليل على كون اعتبار شهادة العدلين والاعتماد عليها إنما هو لإفادتها الظن حتى يمكن القول بانسحاب الحكم منها الى ما يحصل به الظن أو يحتاج الى اعتبار زيادة في هذا الظن ليتحقق بذلك مفهوم