قاله وذلك من ما يوجب ردها إلا انها مطابقة للظواهر والعمومات القرآنية ، ومع ذلك فهي أكثر رواة وأوثق رجالا وأسد مقالا وأشبه بكلام أئمة الهدى (عليهمالسلام) وربما يشعر بعضها بذهاب بعض المخالفين الى ما يخالفها ، والخبر الآتي آنفا كالصريح في ذلك. وفائدة الاختلاف إنما تظهر في صيام يوم الشك وقضائه مع الفوات ، وقد مضى تحقيق ذلك في اخبار الباب الذي تقدم هذا الباب وفيه بلاغ وكفاية لرفع هذا الاختلاف والعلم عند الله. ثم روى عن التهذيب بسنده الى ابن وهب (١) قال : «قال أبو عبد الله عليهالسلام ان الشهر الذي يقال انه لا ينقص ذو القعدة ليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه». وهذا الخبر هو الذي أشار إليه بقوله : وربما يشعر بعضها. الى آخره. انتهى كلامه زيد مقامه.
أقول : والذي أقوله في هذا المقام ـ ويقرب عندي وان لم يتنبه له أحد من علمائنا الأعلام ـ هو انه لا ريب في اختلاف روايات الطرفين وتقابلها في البين ودلالة كل منها على ما استدل به من ذينك القولين ، وما ذكروه من تكلف جمعها على القول المشهور تكلف سحيق سخيف بعيد ظاهر القصور ، وان الأظهر من ذينك القولين هو القول المشهور لرجحان اخباره بما ذكره المحدث المشار اليه آنفا ، ويزيده اعتضادها بإجماع الفرقة الناجية سلفا وخلفا على القول بمضمونها وهو مؤذن بكون ذلك هو مذهب أهل البيت (عليهمالسلام) وقول الصدوق نادر وان سجل عليه بما ذكره.
واما اخبار القول الآخر فأظهر الوجوه فيها هو الحمل على التقية لكن لا بالمعنى المشهور بين أصحابنا (رضوان الله عليهم) لصراحتها في الرد على المخالفين وان ما دلت عليه خلاف ما هم عليه وانما التقية المرادة هنا هي ما قدمنا ذكره في المقدمة الاولى من مقدمات الكتاب (٢) من إيقاعهم الاختلاف في الأحكام
__________________
(١) الوسائل الباب ٥ من أحكام شهر رمضان.
(٢) ج ١ ص ٤ و ٥.