إلا ان العجب هنا من الصدوق في الفقيه فإنه وافق الأصحاب في هذه المسألة أيضا فقال باستحباب صومه بنية انه من شعبان وانه يجزئ عن شهر رمضان لو ظهر انه منه وحرم صومه بنية كونه من شهر رمضان كما لا يخفى على من راجع كتابه ، وحينئذ فما أدرى ما مظهر الخلاف عنده في القول بهذه الأخبار التي ذهب الى العمل بها؟ فإنه مع الرؤية يوجب العمل بها ومع عدم الرؤية لحصول المانع يمنع من الصيام بنية شهر رمضان ، ففي أي موضع يتحقق الحكم عنده بكون شعبان لا يكون إلا ناقصا ورمضان لا يكون إلا تاما؟ اللهمّ إلا أن يدعى ان الرؤية لا تحصل على وجه يكون شعبان ثلاثين يوما وشهر رمضان تسعة وعشرين يوما ، وهو مع كونه خلاف ظاهر اخبار الرؤية مردود بالضرورة والعيان كما هو المشاهد في جملة الأزمان في جميع البلدان.
(لا يقال) : انه يمكن ذلك بالنسبة إلى آخر الشهر (لأنا نقول) : لا ريب ولا خلاف في انه متى علم أول الشهر بأحد العلامات المتقدمة فلا بد من إكمال الثلاثين إلا ان تحصل الرؤية قبل ذلك بأحد الطريقين المتقدمين من الشياع والشاهدين
نعم تبقى هنا صورة نادرة الوقوع لعلها هي المظهر لهذا الخلاف وهو أن تغم الأهلة الثلاثة من شعبان وشهر رمضان وشوال. والله العالم.
الثالث ـ في غيبوبة الهلال بعد الشفق ، والمشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) انه لا عبرة به.
وقال الصدوق في كتاب المقنع : واعلم ان الهلال إذا غاب قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين وان رئي فيه ظل الرأس فهو لثلاث ليال.
والظاهر ان مستنده في ذلك ما رواه في الفقيه (١) عن حماد بن عيسى عن إسماعيل بن الحر عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : «إذا غاب الهلال قبل الشفق فهو لليلة وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين». ورواه الكليني بسنده عن الصلت الخزاز عن
__________________
(١) ج ٢ ص ٧٨ وفي الوسائل الباب ٩ من أحكام شهر رمضان.