وما استشكله شيخنا الشهيد الثاني (قدسسره) من انه ربما يكون السفر ضروريا أو واجبا فالظاهر انه لا وجه له ، فان بناء الأحكام على الافراد الغالبة المتكررة ، والعلل الشرعية لا يجب اطرادها بل يكفى وجودها في أكثر الأفراد كما لا يخفى.
السادس ـ قال الشيخ في النهاية : المريض إذا كان قد وجب عليه صيام شهرين متتابعين ثم مات تصدق عنه عن شهر وقضى عنه وليه شهرا آخر. وكذا قال ابن البراج على ما نقله في المختلف ، وبذلك قال أكثر المتأخرين.
ويدل على هذا القول ما رواه الشيخ عن الوشاء بطريق فيه سهل بن زياد عن ابى الحسن الرضا عليهالسلام (١) قال : «سمعته يقول إذا مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علة فعليه أن يتصدق عن الشهر الأول ويقضى الثاني».
قال في المسالك : لا فرق في الشهرين اللذين على الميت بين كونهما واجبين عليه على التعيين كالمنذورين وكفارة الظهار مع قدرته على الصوم في حال الحياة وعجزه عن العتق أو على التخيير ككفارة رمضان على تقدير اختيار الولي الصوم ، فان التخيير ينتقل اليه كما كان للميت. وهذا الحكم تخفيف على الولي بالصدقة عن أحد الشهرين من مال الميت مع ان النصوص تقتضي وجوب قضاء الجميع عليه ، ومستند هذا الحكم المستثنى من صور القضاء رواية الوشاء. ثم ساق الخبر كما نقلناه.
واستشكل ذلك جملة من متأخري المتأخرين من حيث ضعف سند الرواية أولا ، ومن دلالة الأخبار المستفيضة على وجوب القضاء على الولي كما قدمنا نقل كثير منها (٢) ولأن صوم هذين الشهرين لا يخلو اما أن يكون متعينا على الميت أو مخيرا فيه ، فان كان الأول فمقتضى الاخبار المشار إليها هو وجوب الكل على الولي ، وان كان الثاني فالأمر فيه مشكل ، حيث ان ظاهر الخبر المذكور غير المخير فيه.
__________________
(١) الوسائل الباب ٢٤ من أحكام شهر رمضان.
(٢) ص ٣٢٠ و ٣٢٤.