ومالك والأوزاعي وأبو ثور واختاره النخعي ومكحول والزهري (١) انتهى. وهذا الكلام ظاهر في اشتراط تبييت نية الصوم في وجوب الإفطار كما هو قول الشيخ وإيجاب الصوم على من لم يكن كذلك وانما كان في نيته صوم ذلك اليوم فإنه إذا أصبح بهذه النية وجب عليه الصوم وان سافر وهذا هو الذي صرح به الشيخ كما تقدم نقله عنه. ثم نقل في المختلف (٢) عن الشافعي انه احتج بان الصوم عبادة تختلف بالسفر والحضر فإذا اجتمع فيها السفر والحضر غلب حكم الحضر (٣) انتهى. وهو يشير إلى انه مع نية الصيام ليلا والإصباح على تلك النية غالب على حصول السفر بعد ذلك فيجب عليه الصيام وان سافر بخلاف ما إذا نوى السفر ليلا وأصبح بهذه النية فإنه في حكم المسافر.
وبالجملة فالحمل على التقية في هذه الأخبار ظاهر وان لم يتعرض إليه أحد في ما أعلم لاعراضهم (رضوان الله عليهم) عن الترجيح بين الاخبار بالقواعد المروية عن الأئمة الأطهار (عليهمالسلام) كما عرفته في غير موضع من ما تقدم.
بقي الكلام في أدلة القولين الآخرين والظاهر هو ترجيح أدلة شيخنا المفيد لصحتها كما عرفت وصراحتها ، واما أدلة قول الشيخ على بن بابويه ومن تبعه فهو ما بين عام وخاص ، اما العام فيمكن تقييده وتخصيصه بهذه الأدلة ، واما الخاص فهو لا يبلغ قوة في معارضة تلك الأخبار لما عرفت من صحتها وصراحتها وكثرتها الموجب لترجيحها.
وكيف كان فالاحتياط من ما لا ينبغي تركه في أمثال هذه المقامات وهو هنا يحصل بتبييت النية ثم الخروج قبل الزوال فإنه يجب الإفطار على جميع الأقوال وعليه تجتمع الأخبار الواردة في هذا المجال. والله العالم.
المسألة الرابعة ـ قال ابن أبى عقيل على ما نقل عنه في المختلف : ان خرج متنزها أو متلذذا أو في شيء من أبواب المعاصي يصوم وليس له أن يفطر وعليه القضاء
__________________
(١ و ٣) المغني ج ٣ ص ١٠٠.
(٢) الصحيح (المنتهى).