لا يقدر إلا على مذقة من لبن يفطر بها صائما أو شربة من ماء عذب أو تمرات لا يقدر على أكثر من ذلك».
أقول : يستفاد من هذا الخبر ان المراد بالتفطير الذي ذكر في الاخبار المتقدمة ونحوها ما يترتب عليه من الثواب ليس هو مجرد إعطاء الصائم ما يفطر عليه كما هو مشهور الآن بين العامة وانما المراد به الأكل عنده كما هو الجاري في سنة الضيافة إلا ان يعجز عن ذلك ، وان كرم الله واسع يرتب له ذلك على ما تسع قدرته ولو شربة ماء.
ويؤيد ما ذكرناه ما رواه البرقي في المحاسن بسنده عن مالك بن أعين عن ابى جعفر عليهالسلام (١) قال : «لأن أفطر رجلا مؤمنا في بيتي أحب الى من ان أعتق كذا وكذا نسمة من ولد إسماعيل».
وروى ثقة الإسلام والصدوق وغيرهما عن حمزة بن حمران عن ابى عبد الله عليهالسلام (٢) قال : «كان على بن الحسين عليهالسلام إذا كان اليوم الذي يصوم فيه أمر بشاة فتذبح وتقطع أعضاؤه وتطبخ فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم ثم يقول : هاتوا القصاع اغرفوا لآل فلان اغرفوا لآل فلان. ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاؤه».
وروى في الكافي وفي الفقيه بسنديهما عن حمران (٣) «انه سأل أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى (إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) (٤)؟ قال هي ليلة القدر وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر ولم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر. قال الله تعالى (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (٥)؟ قال يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٣ من آداب الصائم.
(٣) الوسائل الباب ٣١ من أحكام شهر رمضان.
(٤) سورة الدخان الآية ٣.
(٥) سورة الدخان الآية ٤.