الموضع كما في غيره فحملتهم العداوة الجبلية على المنع من صومه حسدا وبغضا ، إذ يبعد كل البعد عدم سماعهم من الرسول صلىاللهعليهوآله ما ورد في فضله مع صومه صلىاللهعليهوآله كلا أو بعضا.
ثم أقول : لا يخفى انه متى كانت الاخبار قد وردت من هذين الخليفتين اللذين هما معتمدا أهل السنة في دينهما زيادة على الرسول صلىاللهعليهوآله كما يعلم من تصلبهم على القيام ببدعهم في الدين فان هذا القول لا يختص بأحمد من بينهم إلا انه لم ينقل. والله العالم.
كتاب الاعتكاف
وهو لغة الاحتباس والإقامة على شيء بالمكان ، قال الجوهري عكفه أى حبسه ووقفه يعكفه ويعكفه عكفا ، ومنه قوله تعالى «وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً» (١) ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس ، وعكف على الشيء يعكف ويعكف عكوفا أي أقبل عليه مواظبا قال الله تعالى «يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ» (٢) وعكفوا حول الشيء أي استداروا. ونحوه في القاموس. وفي النهاية الاعتكاف والعكوف هو الإقامة على الشيء بالمكان. ونقل في الشرع الى معنى أخص من ذلك وهو ما يأتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى. وعرفه الأصحاب بتعريفات لا يكاد يسلم أكثرها من الإيراد كما هو مذكور في كلامهم ولا ثمرة في التعرض لذلك.
ومشروعيته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع ، اما الأول فقوله (عزوجل) (طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) (٣) وقوله عز شأنه : (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) (٤).
واما الثاني فالأخبار المستفيضة ومنها ما رواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي
__________________
(١) سورة الفتح الآية ٢٦.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٣٥.
(٣) سورة البقرة الآية ١٢٠ وارجع الى الاستدراكات.
(٤) سورة البقرة الآية ١٨٤.