واما الحكم الثاني فهو المشهور وقد تقدم في الموضع المشار اليه نقل كلام ابن الجنيد الدال على الاجتزاء بالنية بعد الزوال إذا بقي جزء من النهار.
ولم نقف على دليل لشيء من القولين المذكورين ، والذي تضمن التحديد بالزوال كموثقة عمار المتقدمة ورواية عبد الله بن بكير (١) مورده غير صيام شهر رمضان ، وكذا ما دل ظاهره على الامتداد الى ما بعد الزوال إنما ورد في ما عدا شهر رمضان ، فالحكم هنا لا يخلو من توقف في الموضعين المذكورين.
نعم ربما أمكن الاستناد في ذلك الى صحيحة هشام بن سالم المتقدمة ثمة (٢) قال : «قلت له الرجل يصبح ولا ينوي الصوم فإذا تعالى النهار حدث له رأى في الصوم؟ فقال ان هو نوى الصوم قبل أن تزول الشمس حسب له يومه وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت الذي نوى». بان تحمل على ما هو أعم من شهر رمضان وان المعنى في قوله : «وان نواه بعد الزوال حسب له من الوقت» انه متى نواه بعد الزوال فهو غير مجزئ وان كان يحسب له ثواب صومه من ذلك الوقت الذي بنى فيه والمراد منه بطلان الصوم وان أثيب بمقدار هذا الجزء الباقي.
ثم لا يخفى ان وجوب الإمساك بعد العلم بكونه من الشهر بعد الزوال ليس من حيث كونه صوما لحكمهم بإيجاب قضائه وإنما هو لتحريم الأكل والشرب في الشهر بغير شيء من الأعذار المنصوصة ، وكذا وجوب الإمساك عليه لو ظهر كونه من الشهر بعد أن تناول المفطر.
الثامن ـ لو نوى الإفطار في يوم من شهر رمضان ثم جدد النية للصوم قبل الزوال فالمشهور ـ بل ظاهر كلام جملة منهم الاتفاق عليه ـ هو عدم الانعقاد ، لأن الإخلال بالنية في جزء من الصوم يقتضي فوات ذلك الجزء لفوات شرطه ويلزم منه فساد الكل لان الصوم لا يتبعض فيجب قضاؤه ، وفي وجوب الكفارة بذلك قولان.
__________________
(١) ص ٢٣.
(٢) الوسائل الباب ٢ من وجوب الصوم ونيته.