خطاب الوضع وهو الذي صرح به ابن الحاجب في المختصر وشارحة في الشرح ، وهو ظاهر العلامة في النهاية لما ذكره هنا من انه بعد ورود أمر الشارع بالفعل فكون الفعل موافقا للأمر أو مخالفا وكون ما فعل تمام الواجب حتى يكون مسقطا للقضاء وعدمه لا يحتاج الى توقيف من الشارع بل يعرف بمجرد العقل ، فهو ككونه مؤديا للصلاة وتاركا لها سواء بسواء ، فلا يكون حصوله في نفسه ولا حكمنا به من حكم الشرع في شيء بل هو عقلي مجرد ، وهذا بخلاف الأحكام الوضعية التي هي عبارة عن الشرط والسبب والمانع الذي يكون حصوله في نفسه والحكم به موقوفا على الشرع.
وأنت خبير بان من رجع الى الأخبار التي قدمناها لا يخفى عليه ضعف ما ذهب اليه شيخنا المذكور وكل من تقدمه وتأخر عنه وقال بأن عبادة الصبي تمرينية وليست بشرعية. واما قول شيخنا المشار إليه في منع كون صومه شرعيا ـ لاختصاص خطاب الشرع بالمكلفين ـ فقد عرفت جوابه.
المطلب الثاني
في ما يمسك عنه الصائم وفيه مسائل الأولى ـ يجب الإمساك عن كل مأكول ومشروب معتادا كان أو غير معتاد :
اما المعتاد فلا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه مضافا الى الإجماع الآية (١) والاخبار (٢).
ولا خلاف أيضا في كون فعله موجبا للقضاء والكفارة ، ويدل عليه مضافا الى الإجماع الأخبار الآتية الدالة على وجوب الكفارة بالإفطار به (٣).
__________________
(١) وهي قوله تعالى في سورة البقرة الآية ١٨٤ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ).
(٢) الوسائل الباب ١ و ٩ و ٢٣ و ٢٥ و ٣٧ الى ٥١ من ما يمسك عنه الصائم وغير ذلك.
(٣) الوسائل الباب ٨ و ٩ و ١٠ و ١١ و ٢٢ من ما يمسك عنه الصائم.