والشرب يحب تقييده بالعالم العامد وكذا كل ما يأتي من مفسدات الصوم فإنه لا ريب ولا خلاف في فساد الصوم بذلك وانه موجب للقضاء والكفارة.
اما لو لم يكن كذلك بان كان جاهلا أو ناسيا أو مكرها فتحقيق الكلام فيه يقع في مواضع ثلاثة :
أحدها ـ أن يكون جاهلا والمشهور بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) فساد صومه كالعالم ، وفان ابن إدريس : لو جامع أو أفطر جاهلا بالتحريم فلا يجب عليه شيء. ونحوه نقل عن الشيخ في موضع من التهذيب. وإطلاق كلامهما يقتضي سقوط القضاء والكفارة ، واحتمله في المنتهى إلحاقا للجاهل بالناسي.
وقال المحقق في المعتبر : والذي يقوى عندي فساد صومه ووجوب القضاء دون الكفارة.
قال في المدارك بعد نقله عنه : والى هذا القول ذهب أكثر المتأخرين وهو المعتمد ، لنا على الحكم الأول إطلاق الأمر بالقضاء عند عروض أحد الأسباب المقتضية لفساد الأداء فإنه يتناول العالم والجاهل. ولنا على سقوط الكفارة التمسك بمقتضى الأصل وما رواه الشيخ عن زرارة وابى بصير (١) قالا : «سألنا أبا جعفر عليهالسلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان أو أتى أهله وهو محرم وهو لا يرى إلا ان ذلك حلال له؟ قال ليس عليه شيء». (لا يقال) الأصل يرتفع بالروايات المتضمنة لترتب الكفارة على الإفطار المتناولة بإطلاقها للعالم والجاهل كما اعترفتم به في وجوب القضاء ، والرواية قاصرة من حيث السند فلا تنهض حجة في إثبات هذا الحكم (لأنا نقول) لا دلالة في شيء من الروايات التي وصلت إلينا من هذا الباب على تعلق الكفارة بالجاهل إذ الحكم وقع فيها معلقا على تعمد الإفطار وهو انما يتحقق مع العلم بكون ذلك الفعل مفسدا للصوم ، فان من أتى بالمفطر جاهلا كونه كذلك لا يصدق عليه انه تعمد الإفطار وان صدق عليه انه متعمد لذلك الفعل ،
__________________
(١) الوسائل الباب ٩ من ما يمسك عنه الصائم والباب ٢ من كفارات الاستمتاع.