القضاء عند الأصحاب ، وفي وجوب الكفارة عليه قولان.
أقول : وهذه المسألة من جزئيات المسألة المتقدمة في جاهل حكم الإفطار وقد تقدم ذكر الخلاف فيها وتحقيق القول فيها.
الثانية ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في إيصال الغبار الى الحلق فذهب جمع : منهم ـ الشيخ في أكثر كتبه الى أن إيصال الغبار الغليظ الى الحلق متعمدا موجب للقضاء والكفارة ، واليه مال من أفاضل متأخري المتأخرين المحدث الشيخ محمد بن الحسن الحر في كتاب الوسائل ، وذهب جمع : منهم ـ ابن إدريس والشيخ المفيد على ما نقل عنه وأبو الصلاح وغيرهم ـ والظاهر انه المشهور ـ الى وجوب القضاء خاصة متى كان متعمدا ، وذهب جمع من متأخري المتأخرين الى عدم الإفساد وعدم وجوب شيء من قضاء أو كفارة ، وهو الأقرب.
واستدل على القول الأول بما رواه الشيخ في التهذيب عن سليمان بن حفص المروزي (١) قال : «سمعته يقول إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو استنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه وحلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح».
أقول : لا يخفى انه يمكن تطرق الطعن الى هذه الرواية من وجوه : أحدها ـ جهالة السائل والمسؤول فلعل المسؤول غير امام ، وجهالة المسؤول كما في الإضمار ونحوه إنما يتسامح بها مع معرفة السائل والوثوق به من كونه لا يعتمد في أمور دينه وأحكامه على غير الامام كما صرح به أصحابنا (رضوان الله عليهم) في قبول المضمرات والمرسلات اما إذا كان مجهولا بالمرة كهذا الراوي فلا.
وثانيها ـ المعارضة بموثقة عمرو بن سعيد عن الرضا عليهالسلام (٢) قال : «سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه؟ قال جائز لا بأس به. قال : وسألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه؟ قال لا بأس».
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ٢٢ من ما يمسك عنه الصائم.