ظاهر الأخبار المذكورة. على انه لو كان ما ذكروه في تأويل صحيحة أبي ولاد من الحمل على عدم التعمد صحيحا للزم الإبطال أيضا فإنه متى كان وصول الريق الى جوفه مبطلا فلا فرق فيه بين تعمده ولا وصوله من غير تعمد ، كما صرحوا به من أنه لو وضع في فمه شيئا من المفطرات عبثا ولعبا فابتلعه بغير اختيار فإنه يبطل صومه ، وسيأتيك في مسألة المضمضة عبثا ما يدل على ذلك.
وبالجملة فإن الأخبار المذكورة مع اتفاقها على الحكم المذكور لا معارض لها من الأخبار ، والى ما ذكرنا يميل كلام المحقق الأردبيلي أيضا في هذا المقام.
السادسة ـ اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ابتلاع النخامة على أقوال ثلاثة ، إلا انه يجب أو لا بيان المعنى المراد من النخامة هنا : ظاهر كلام المحقق في الشرائع والعلامة في الإرشاد أن النخامة مختصة بما يخرج من الصدر دون ما ينزل من الدماغ حيث ذكرا النخامة ثم عطفا عليها ما استرسل من الدماغ ، وأطلق جماعة من الأصحاب النخامة عليهما ، قال الفيومي في المصباح : النخاعة بالضم ما يخرجه الإنسان من حلقه من مخرج الخاء المعجمة هكذا قيده ابن الأثير ، وقال المطرزي النخاعة هي النخامة ، وهكذا قال في العباب ، وزاد المطرزي : وهي ما يخرج من الخيشوم عند التنخع ، وكأنه مأخوذ من قولهم تنخع السحاب إذا قاء ما فيه من المطر لأن القيء لا يكون إلا من الباطن ، وتنخع رمى بنخاعته. انتهى. وقال في مادة نخم : النخامة هي النخاعة وزنا ومعنى وتقدم. وقال في القاموس : والنخاعة بالضم النخامة أو ما يخرج من الصدر أو ما يخرج من الخيشوم. وقال ابن الأثير في النهاية : النخامة البزقة التي تخرج من أقصى الحلق ومن مخرج الخاء المعجمة.
وكلام الأصحاب هنا قد اختلف بما يرجع الى أقوال ثلاثة : أحدها ـ جواز ابتلاع ما يخرج من الصدر ما لم ينفصل عن الفم والمنع من ابتلاع ما يسترسل من الدماغ وان لم يصل الى الفم عمدا اما لو استرسل وتعدى الى الحلق فلا بأس. وهو ظاهر عبارتي الشرائع والإرشاد.