وما ذكره من عدم اعتبار الاستطاعة من البلد فإنما هو في صورة ما لو اتفق له الوصول الى الميقات بأي نحو كان ، فإنه لا يشترط في حقه ملك الزاد والراحلة في بلده كما ذكره الأصحاب ، لا بمعنى ان من كان بعيدا لا يمكنه المسير إلا بهذه الشروط المذكورة فإن استطاعته انما تحصل باعتبار الميقات ، فإنه باطل قطعا ، بل الاستطاعة في هذه الصورة مشترطة من البلد ، فان استطاع بحصول هذه الشرائط الخمسة المعدودة وجب عليه الحج والمسير اليه وإلا فلا. نعم يحصل الشك هنا في ان المتكلف للحج بالمشقة الموضوعة عنه في عدم إمكان المسير ، هل هو من قبيل المتسكع الذي لم يملك زادا ولا راحلة فلا يجزئ عنه ، كما هو المفهوم من كلام الأصحاب ، أو من قبيل تكلف تحصيل الزاد والراحلة وان لم يجب عليه تحصيلهما ، فحجة يكون صحيحا مجزئا عن حجة الإسلام ، كما هو ظاهر شيخنا الشهيد؟ اشكال.
المقام الثاني ـ لا خلاف ـ نصا وفتوى ـ في ان أمن الطريق من الخوف على النفس والبضع والمال شرط في وجوب الحج ، فلو خاف على نفسه من سبع أو لص أو عدو لم يلزمه الحج في ذلك العام. ولهذا جاز التحلل من الإحرام بمثل ذلك ، كما يأتي ـ ان شاء الله تعالى ـ في باب الإحصار والصد. وقد تقدم في الاخبار ما يدل على هذا الحكم كما في صحيحة محمد بن يحيى الخثعمي المتقدمة (١) وغيرها
والكلام في المقام يقع في مواضع الأول ـ لو كان في الطريق عدو لا يندفع الا بالمال فهل يسقط الحج وان أمكن تحمله أم يجب بذل المال مع المكنة؟ قولان : أولهما للشيخ وجماعة ، وثانيهما للمحقق والعلامة ومن تأخر عنهما.
ونقل عن الشيخ الاحتجاج على ذلك بوجوه : منها ـ ان تخلية السرب شرط في الوجوب ، وهو هنا منتف فينتفي المشروط.
__________________
(١) ص ٨٠ و ١٢٩.