الخطاب كالروايتين المذكورتين ـ ففيه انه عين النزاع في المسألة ، ولهذا ان الأصحاب (رضوان الله عليهم) تأولوهما ، وقد عرفت معارضة رواية أبي بصير لهما في ذلك. اللهم إلا ان يدعى اشتغال الذمة بالحج في تلك الحال ليدخل تحت موثقة أبي بصير. ولا أظنه يلتزمه.
وبالجملة فإن القضاء عندنا مرتب على اشتغال الذمة بالأداء ، فمتى لم تشتغل ذمته به لم يجب قضاؤه ، لقوله (عليهالسلام) في هذا الخبر : «لا تقض عنها فان الله لم يجعله عليها» وقوله ثانيا : «كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها؟» وهو صريح في ان القضاء لا يكون إلا عن شيء استقر في الذمة. وحينئذ فيجب تخصيص إطلاق الأخبار المتقدمة ـ وكذا خبري بريد وضريس ـ بهذا الخبر.
ثم قال في المدارك : وقد قطع الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان من حصل له الشرائط فتخلف عن الرفقة ثم مات قبل حج الناس لا يجب القضاء عنه ، لتبين عدم استقرار الحج في ذمته بظهور عدم الاستطاعة. وهو جيد ان ثبت ان وجوب القضاء تابع لوجوب الأداء.
أقول : هذا موضع شك حيث ان ترك الحج لم يقع بعذر شرعي ، فيمكن ان يكون بتعمده التأخير مع وجوب ذلك عليه يستقر الحج في ذمته وان لم يمض الزمان الذي تقع فيه المناسك ، كما لو أفطر عمدا في شهر رمضان ثم سافر لإسقاط الكفارة ورفع الإثم ، فإنه لا يوجب رفع الإثم ولا سقوط الكفارة.
وبالجملة فقياس هذه المسألة على مسائل حصول العذر الشرعي ـ كالموت وفوات الاستطاعة بمجرد الاشتراك في انه ظهر بذلك عدم الاستطاعة واقعا ـ قياس مع الفارق. والمسألة خالية من النص بجميع شقوقها فيجب الاحتياط فيها
الثاني ـ قد قطع المتأخرون بسقوط القضاء إذا لم تكن الحجة مستقرة في