من العبارات ـ الى ان اخبار القضاء الواردة بقضاء الحج لم تشتمل على الطريق بل على قضاء الحج خاصة ، والحج إنما هو عبارة عن المناسك المخصوصة ، ووجوب قطع الطريق على الحي انما هو من حيث عدم تمكنه من الحج إلا بذلك ، ومتى مات سقط هذا التكليف عنه ووجب الحج خاصة.
وفيه أولا ـ انه لو كانت الطريق لا مدخل لها في القضاء عنه ، وان الواجب انما هو الحج من الميقات مطلقا ، فكيف تخرج هذه الاخبار مصرحة بالترتيب مع الوصية بالقضاء من البلد وإلا فمن حيث وسعه المال كما أوضحناه آنفا؟ لان قاعدتهم هذه جارية في المقامين وكلامهم شامل للمسألتين.
وثانيا ـ الأخبار الدالة على وجوب استنابة الممنوع من الحج بمرض أو شيخوخة أو عضب ، وانه يجهز رجلا من ماله ليحج عنه (١) ومن الظاهر ان التجهيز انما هو من البلد ، فإنه لا يقال لمن كان في بغداد ـ مثلا ـ ثم أمر رجلا ان يستأجر له رجلا من الميقات انه جهز رجلا يحج عنه ، فان التجهيز انما هو ان يعطيه أسباب السفر وما يتوقف عليه الى ذلك المكان بل ورجوعه. وهو ظاهر الأصحاب أيضا حيث انه لم يطعن أحد في دلالة هذه الاخبار مع انها ظاهرة في ما ذكرناه. ومقتضى ما ذكروه ـ من الدليل المتقدم الذي اعتمدوا عليه في هذه المسألة ـ ان الواجب إنما هو الحج من الميقات والطريق لا مدخل لها. وبعين ذلك نلزمهم في المسألة المذكورة ، فإن هذا الممنوع بسبب العذر قد سقط عنه وجوب السعي ببدنه وتعلق الحج بماله ، والحج انما هو عبارة عن المناسك المخصوصة والطريق لا مدخل لها ، فمن اين يجب عليه ان يجهز رجلا من بلده؟ مع ان الاخبار قد دلت على خلاف ذلك. وهو مؤذن ببطلان قاعدتهم التي اعتمدوها.
__________________
(١) الوسائل الباب ٢٤ من وجوب الحج وشرائطه.