هذه القاعدة التي بنوا عليها.
وهذا من ما يؤيد ما قدمناه في أصل المسألة من انه لا يكفي في إثبات الحكم الشرعي مثل هذه الأدلة ، لجواز خروج موضع البحث عنها. وهو مؤيد لما حققناه في غير موضع من توقف الفتوى في المسألة والحكم على النص الصريح الواضح الدلالة ، فإن الناظر في كلامهم هنا في الموضعين لا يكاد يختلجه الريب في صحة ما ذكروه بناء على القاعدتين المذكورتين ، والنصوص ـ كما ترى ـ في الموضعين على خلاف ذلك.
الثانية ـ هل المراد بالبلد على تقدير القول بالاستئجار من البلد بلد موته أو بلد استيطانه ، أو بلد يساره التي حصل وجوب الحج عليه فيها؟ أوجه :
اختار في المدارك الأول ، حيث قال : الظاهر ان المراد بالبلد الذي يجب الحج منه على القول به محل الموت حيث كان ، كما صرح به ابن إدريس ودل عليه دليله. انتهى.
أقول : في استفادة ذلك من دليل ابن إدريس ـ وهو ما قدمنا نقله عنه ـ إشكال ، لأنه احتج بأنه كان يجب عليه الحج من بلده. وظاهر ذلك إنما هو بلد استيطانه ، وإذ لا يصدق عرفا على من كان من أهل الكوفة فاتفق موته في البصرة ان البصرة بلده وإنما يصدق على الكوفة. بل دعواه (قدسسره) : ان ابن إدريس صرح ببلد الموت ايضا غريب ، فانا لم نقف عليه في كلامه ولا نقله عنه غيره ومن تبع أثره كالفاضل الخراساني وغيره.
وهذه صورة عبارته في كتاب السرائر من أولها إلى آخرها ، قال (قدسسره) : فان كان متمكنا من الحج والخروج فلم يخرج وأدركه الموت وكان الحج قد استقر عليه ، وجب ان يخرج عنه من صلب ماله ما يحج به من بلده ، وما يبقى بعد ذلك يكون ميراثا ، فان لم يخلف إلا قدر ما يحج به من بلده