سواء كان بلده أو غيره من الموضع الذي أيسر فيه ، والثاني من الميقات. وهذا الكلام يشعر بان مراد القائلين بالبلد انما هو بلد الاستطاعة ، كما هو أحد الوجوه التي قدمنا نقلها عنهم. وهو ظاهر الحجة التي نقلها عن أصحاب هذا القول. وحينئذ فقوله في التهذيب الأول ـ : لو كان له موطنان قال الموجبون للاستنابة من بلده : يستناب من أقربهما ـ لا ينطبق على القول الأول وإنما ينطبق على القول ببلد الاستيطان مطلقا استطاع فيها أو لا ، كما هو أحد الوجوه المتقدمة ، لأنه لا معنى لحصول الاستطاعة في بلدين متعددين. وهذا القول لم يذكره ولم يتعرض له كما عرفت من عبارته ، فكيف يفرع عليه هذا الفرع؟ ويؤيد ما ذكرناه تمثيله بمن وجب عليه الحج بخراسان فمات ببغداد وبالعكس ، فان هذا انما يجري على ما ذكرناه من البلد مطلقا. وما نقله عن احمد هنا هو الموافق لما نقله آنفا عن الحسن البصري وإسحاق ومالك ، وان خصه بعضهم بالنذر كما أشار اليه.
وكيف كان فظاهر بحثه هنا انما هو مع المخالفين ، بل الظاهر ان الاحتمالات الثلاثة في البلد ـ كما قدمنا نقله عنهم ـ انما هو عند المخالفين (١) لأن القائلين بالبلد من أصحابنا ظاهر كلامهم انما هو بلد الاستيطان ، كما عرفت من كلام ابن إدريس.
الثالثة ـ قال في المدارك : الموجود في ما وقفت عليه من كتب الأصحاب حتى في كلام المصنف في المعتبر ان في المسألة قولين كما نقلناه ، وقد جعل
__________________
(١) قال في المغني : ويستناب من يحج عنه من حيث وجب عليه ، اما من بلده أو من الموضع الذي أحصر فيه. الى ان قال : وقال الشافعي : يستأجر من يحج عنه من الميقات.