فإذا قلت : «أخرجته أو أدخلته» يعني : توليت إدخاله وإخراجه وباشرت ذلك لا بمعنى : أمرت بذلك من يفعل به. وحينئذ فتكون هذه الأخبار ـ باعتبار الاحتمال الذي استظهرناه ـ دالة على وجوب قضاء حجة النذر في الجملة.
بقي الكلام في ان موردها القضاء في من نذر ان يحج رجلا ، وهو خارج عن ما نحن فيه من نذر الرجل ان يحج بنفسه. ويمكن ان يقال : انها لما دلت على وجوب قضاء الحج المنذور فقد ثبت بها ان نذر الحج يجب قضاؤه بعد الموت. وبه يظهر بطلان قول المانع : ان النذر انما اقتضى وجوب الأداء ، والقضاء يحتاج إلى أمر جديد. وكون متعلق ذلك النذر حجه بنفسه أو ان يحج غيره لا مدخل له في تغير الحكم ، فان الموجب للقضاء هو النذر وتمكنه من الفعل وتفريطه حتى مات. والظاهر انه لهذا الوجه استدل الشيخ بصحيحة ضريس في ما يأتي ان شاء الله (تعالى) (١) على مسألة من نذر الحج بنفسه فمات ، مع ان موردها من نذر ان يحج غيره.
وما ذكرناه من التوجيه لا يخلو من قوة ، وبه تكون الأخبار الآتية قابلة للاستدلال على محل النزاع. وسيأتي تحقيق الكلام زيادة على ما ذكرنا هنا ان شاء الله تعالى.
واما ما ذكره (قدسسره) من الوجه الثاني ـ وهو منع كون الحج وأجاب ماليا ـ فتحقيق الكلام فيه ان يقال : انه لا ريب ان ما ذكروه ـ من الفرق بين الواجب المالي والواجب البدني من إخراج الأول من الأصل والثاني مع الوصية به من الثلث ـ فلم أقف فيه على مستند من النصوص وان كان مشهورا في كلامهم ومتداولا على رؤوس أقلامهم.
قال شيخنا الشهيد الثاني في المسالك في هذه المسألة : وتعتبر الأجرة من
__________________
(١) في المسألة الخامسة من مسائل المقام.