لا أقل من الشك المنافي للخروج من الأصل. وبما حررناه يعلم ضعف ما اختاره الشيخ هنا من وجوب إخراج الحجة المنذورة من الثلث. هذا كله على تقدير نهوض الحديثين بإثبات الحكم ، وإلا استغنى عن تكلف البحث في معناهما وكان التعويل في المسألة على ما تقتضيه الأصول. انتهى كلامه زيد إكرامه.
أقول : لا يخفى ان السبب الموجب لارتكابه (قدسسره) ما ارتكبه من هذه التأويلات البعيدة في هاتين الصحيحتين انما هو المخالفة لما زعمه من القواعد المقررة بين الأصحاب ، وذلك هو انه متى حمل قوله عليهالسلام في الخبرين : «ليحجنه» : بمعنى ان يعطى رجلا مالا يحج به ، كان ذلك من قبيل الواجب المالي الذي يكون خروجه من الأصل مع ان الخبرين دلا على كون مخرجه من الثلث. ومتى حمل على المعنى الذي ذكره من تنفيذ الحج المذكور بنفسه ، فالواجب هو إخراجه من الثلث حيث انه واجب بدني ، إلا ان إخراج الواجب البدني يتوقف على الوصية بمقتضى قواعدهم مع ان الخبرين دلا على الإخراج وان لم تكن وصية ، فلا علاج انه تأول الخبرين بهذه التأويلات المتعسفة والتخريجات المتكلفة ، وبعدها أظهر من ان يخفى على ذي مسكة.
والحق ان ارتكاب ما ذكره يتوقف على المعارض سيما مع إضافة الصحيحة الثالثة إلى الصحيحتين المذكورتين.
على ان ما ذكره ـ من انه قصد ان يتعاطى تنفيذ الحج بنفسه ، وان هذا القصد يفوت بعد الموت ، فلا يتعلق بماله حج واجب بالنذر ـ ممنوع ، فإنه لا ريب ان قصد هذا تضمن شيئين : أحدهما ـ مباشرة التنفيذ بنفسه. وثانيهما ـ القيام بما يحتاج اليه الرجل من الزاد والراحلة مدة الحج ، وبالموت إنما فاتت المباشرة ، واما ما تعلق بالمال فيبقى على حاله ، فكيف يتم ما ذكره انه لم يتعلق بماله حج واجب؟ وهذا بعينه جار في حج الإسلام ، فان الواجب