متى كان مستطيعا اما ان ينذره مطلقا بان لا يقصد حج الإسلام ولا غيره ، أو ينذره بنية حج الإسلام أو بنية غيره ، فالكلام هنا يقع في مواضع ثلاثة :
الأول ـ ان يطلق النذر ، وقد اختلف الأصحاب في هذه الصورة ، فذهب الأكثر ـ ومنهم الشيخ في الخلاف والجمل وابن البراج وابن إدريس والعلامة في جملة من كتبه ـ الى عدم التداخل ، التفاتا الى ان اختلاف السبب يقتضي اختلاف المسبب.
ورد بان هذا الاقتضاء انما هو في الأسباب الحقيقية دون المعرفات الشرعية ، ولهذا حكم كل من قال بانعقاد نذر الواجب بالتداخل إذا تعلق النذر بحج الإسلام من غير التفات الى اختلاف الأسباب.
أقول : الظاهر ان مراده ان كون ذلك قاعدة كلية انما هو في الأسباب الحقيقية دون الأسباب الشرعية ، فإنها لا يطرد فيها ذلك بل قد تكون كذلك وقد لا تكون ، فهي منوطة بالدليل الوارد في كل حكم ، فقد يتفق فيه التداخل إذا اقتضاه الدليل وقد يتفق التعدد كذلك.
وقال الشيخ في النهاية : ان نوى حج النذر أجزأه عن حج الإسلام ، وان نوى حج الإسلام لم يجزئ عن النذر.
احتج الشيخ على هذا القول بما رواه في الصحيح عن رفاعة بن موسى (١) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل نذر ان يمشي إلى بيت الله الحرام فمشى هل يجزئه ذلك عن حجة الإسلام؟ قال : نعم. قلت : أرأيت ان حج عن غيره ولم يكن له مال وقد نذر ان يحج ماشيا ، أيجزئ عنه ذلك من مشيه؟ قال : نعم».
__________________
(١) التهذيب ج ٥ ص ٤٠٦ و ٤٠٧ ، وفي الوسائل الباب ٢٧ من وجوب الحج وشرائطه.