لعموم الأدلة (١) وفائدة النذر زيادة انبعاث النفس على الفعل ، ووجوب الكفارة مع التأخير عن الوقت المعين. ولا خلاف هنا في التداخل والاكتفاء بحج الإسلام عن حج النذر. ولا بد من وجود الاستطاعة في وجوب الحج في الصورة المذكورة ، لأنه النذر انما أفاد زيادة التأكيد في الوجوب السابق.
ولو نذر مع عدم وجود الاستطاعة كان الوجوب مراعى بوجود الاستطاعة ولا يجب عليه تحصيلها ، لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط كما تقدم والمنذور هنا ليس أمرا زائدا على حج الإسلام ، إلا ان ينذر تحصيلها ايضا فيجب.
ولو قيد النذر بسنة معينة فتخلفت الاستطاعة بطل النذر.
الموضع الثالث ـ ان ينذر حجا غير حج الإسلام ، وقد اتفقوا هنا على عدم التداخل.
ولهم في المسألة تفصيل وصور ملخصها : انه لا يخلو اما ان يكون مستطيعا حال النذر أم لا.
وعلى الأول فإن كانت حجة النذر مطلقة أو مقيدة بزمان متأخر عن عام الاستطاعة فان الواجب تقديم حجة الإسلام ، لفوريتها واتساع زمان النذر.
وهو ظاهر لا اشكال فيه.
وان كانت حجة النذر مقيدة بعام الاستطاعة ، فإن قصد الحج عن النذر مع بقاء الاستطاعة بطل النذر من أصله ، لأنه نذر ما لا يصح فعله. وان قصد الحج مع فقد الاستطاعة ، بمعنى انه يحج للنذر لو زالت الاستطاعة في ذلك العام ، قالوا : فالظاهر الانعقاد ، فتجب عند زوال الاستطاعة. وان خلا نذره من القصد بأحد وجهيه ، احتمل البطلان ـ لانه نذر في عام الاستطاعة
__________________
(١) كقوله تعالى في سورة الحج ، الآية ٢٩ (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ).