عملا بالعادة فتكون مواضع العبور غير داخلة في النذر ، وهذا موجب لطرح الرواية الدالة على الأمر بالوقوف الذي هو حقيقة في الوجوب ، كما عليه أكثر الأصحاب ، وكأنه أراد حملها على الاستحباب تفاديا من طرحها. وفيه ما عرفت في غير مقام من ما تقدم وان اشتهر ذلك بينهم.
ثم انه لا يخفى ان رواية السكوني المذكورة ظاهرة في كون نذر المشي انما هو في الطريق إلى مكة ، لقوله فيها : «نذر ان يمشي الى البيت» وقوله : «فمر في المعبر» فان هذا انما يكون في الطرق الآتية من الآفاق لا في مكة فإنه ليس فيها شط ولا نهر يحتاج في عبوره إلى سفينة.
الثانية ـ قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بأنه لو ركب طريقه وجب عليه القضاء ، ومرادهم بالقضاء الإعادة أعم من ان يكون بمعناه المتعارف أم لا ، وذلك انه ان كانت سنة النذر معينة فالقضاء بمعناه المتعارف ، ويلزمه مع ذلك كفارة خلف النذر ، وان كانت سنة النذر مطلقة فالقضاء بمعنى الفعل ثانيا ولا كفارة لبقاء الوقت.
قالوا : وانما وجب عليه اعادة الحج ثانيا لإخلاله بالصفة المشروطة وتوقف الامتثال على الإتيان بها.
ويستفاد من حكمهم بوجوب الإعادة كون الحج المأتي به فاسدا ، والظاهر ان وجهه من حيث عدم مطابقته للمنذور ، فلا يقع عن النذر لعدم المطابقة ، ولا عن غيره لانتفاء النية كما هو المفروض.
واحتمل المحقق في المعتبر الصحة واجزاءه عن المنذور وان وجبت الكفارة بالإخلال بالمشي ، قال : لأن الإخلال بالمشي ليس مؤثرا في الحج ولا هو من صفاته بحيث يبطل بفواته ، بل غايته أنه أخل بالمشي المنذور ، فان كان مع القدرة وجبت عليه كفارة خلف النذر.