أقول : والذي يقرب عندي ان ظاهر هذين الخبرين ـ سيما الثاني ـ هو النهي عن الحج نيابة حتى يحج عن نفسه ، لقوله في رواية سعيد الأعرج ـ بعد تقييد الجواب عن جواز حج الصرورة عن الميت بما إذا لم يجد الصرورة ما يحج به الدال بمفهومه على عدم الجواز لو وجد ما يحج به : «فان كان له مال فليس له ذلك حتى يحج عن نفسه (١)» وهو تصريح بالمفهوم المتقدم ، وصريح في عدم جواز النيابة حتى يحج حجة الإسلام من ماله. ونحو ذلك سياق صدر صحيحة سعد بن ابي خلف المتقدمة ، وقوله فيها : «فليس يجزئ عنه حتى يحج من ماله» بمنزلة قوله في الرواية الثانية : «فليس له ذلك» وان كانت العبارة الثانية واضح في الدلالة على ما ذكرناه ، فكأنه أريد بمعنى «فليس يجزئ عنه» اي ليس يجوز له ذلك ، وباب التجوز في الكلام واسع. ويعضد ذلك ما تقدم (٢) في صحيحة معاوية بن عمار : «يحج عنه صورة لا مال له». ومثلها صحيحة أخرى له (٣).
وبذلك يظهر ان ما ذكره في المدارك ـ من انه انما يتم ذلك لو ورد النهي نطقا أو التزاما عن النيابة في الصورة المذكورة ـ ليس في محله ، فإن النهي ظاهر بالتقريب الذي ذكرناه وليس النهي مخصوصا ب «لا وليس» ونحوهما ، بل قول الشارع : «لا يجوز» أصرح في الدلالة.
بقي الكلام في قوله عليهالسلام في آخر رواية سعد بن ابي خلف : «وهي تجزئ عن الميت ان كان للصرورة مال وان لم يكن له مال» وقوله في الثانية : «وهو يجزئ عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال» فإنه ربما أوهم تعلقه بأصل السؤال ، بان يكون حاصل المعنى : انه لا تجوز له النيابة إذا كان له مال
__________________
(١) اللفظ : «حتى يحج من ماله».
(٢) ص ٢٤١.
(٣) الوسائل الباب ٢٨ من وجوب الحج وشرائطه.