وسعى أحل وبطل حجه وان العقد بالتلبية لا يفيد فائدة ، فكيف خرجت هذه الاخبار عنهم (عليهمالسلام) مصرحة بالجواز ، وان تقديمه وتأخيره سواء في صحة الحج؟ وحملها على التقية كما هو ظاهر الصحيحين المتقدمين مشكل.
والعجب من المحدث الكاشاني أنه ظن انحصار المنافاة في صحيحتي عبد الرحمن ومعاوية ولم يتنبه للمنافاة ايضا للأخبار المذكورة حيث انه قال بمضمونها في كتبه ، ووجه المنافاة فيها ظاهر ، لأن صحيحتي عمر بن أذينة وزرارة صريحتان في حصول الإحلال بالطواف وتؤيدهما الأخبار المتقدمة ، وحينئذ فإذا قدم طواف الحج وسعيه كما تضمنته هذه الاخبار ، فإن لبى بعده كما يقول الأصحاب لزم ما ذكره عليهالسلام في الصحيحتين المشار إليهما ، وان لم يلب فكيف يجوز ان يعتد بهما في حجه والحال انه أحل بعدهما.
على ان المفهوم من الاخبار المتقدمة ان العقد بالتلبية انما هو لبقاء الإحرام الأول على حاله ، ولهذا ذهب في المدارك وقبله شيخه الأردبيلي ـ كما تقدم ـ الى ان الغرض من التلبية هو البقاء على الإحرام الأول فتكون التلبية مقتضية لعدم التحلل والمفهوم من هاتين الصحيحتين هو انه بالطواف يصير محلا ويخرج عن إحرامه السابق وبالتلبية يعقد إحراما جديدا ، ولهذا سجل عليهم انهم يخرجون إلى منى بغير حج ولا عمرة ، بالتقريب الذي قدمنا نقله عن المحدث الكاشاني. وهذان الخبران لا ينطبقان إلا على مذهب ابن إدريس المانع من تقديم الطواف كما تقدم.
وبالجملة فالمسألة عندي محل اشكال ، عجل الله (تعالى) بالفرج لمن على يديه حل هذه الرتج.
الخامس ـ الظاهر انه لا خلاف بين الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ان المفرد متى قدم مكة جاز له العدول الى التمتع دون القارن.