وثالثها ـ ان يقصد البقاء على حجه ، وحينئذ فيجب عليه الإتيان بالتلبية بعد ركعتي الطواف أو السعي ، وعلى هذه الصورة تدل صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج وصحيحة معاوية بن عمار المتقدمتان (١).
ورابعها ـ ان يقصد البقاء على حجه ولكنه لم يأت بالتلبية عمدا أو جهلا أو نسيانا ، وهذا هو محل الخلاف المتقدم في أصل المسألة ، والأشهر الأظهر انقلاب حجه عمرة يتمتع بها الى الحج ، لدلالة الأخبار المتقدمة (٢) على حصول الإحلال بذلك أحب أو كره. ودلالة صحيحة معاوية بن عمار بالتقريب الذي قدمناه على صيرورة ما اتى به عمرة.
وكيف كان فينبغي ان يعلم ان جواز العدول للمفرد انما هو في ما إذا لم يتعين عليه الإفراد بأصل الشرع أو بنذر وشبهه ، لاستفاضة الاخبار (٣) ـ كما تقدم ـ بأن أهل مكة وحاضري المسجد الحرام لا يجزئهم التمتع يتوهم عن فرضهم ، وعموم ما دل على وجوب الوفاء بالنذر وشبهه (٤) وما ربما يتوهم من العموم في بعض الروايات المتقدمة أو الإطلاق على وجه يتناول المعين وغيره فيجب تخصيصه بما ذكرنا من الأدلة.
وبذلك يظهر ما في كلام شيخنا الشهيد الثاني من ان تخصيص الحكم بمن لم يتعين عليه الافراد بعيد عن ظاهر النص.
__________________
(١) ص ٣٨٥ و ٣٨٦.
(٢) ص ٣٨٧ و ٣٨٨.
(٣) الوسائل الباب ٦ من أقسام الحج.
(٤) كقوله تعالى في سورة الحج ، الآية ٢٩ (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ). وقوله تعالى في سورة المائدة الآية ٨٩ (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ). وقوله تعالى في سورة النحل الآية ٩١ : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ).