ثم ان شيخنا المشار اليه ذكر ان هذه المتعة التي أنكرها الثاني. وقال في المعتبر : زعم فقهاء الجمهور ان نقل حج الافراد الى التمتع منسوخ (١).
أقول : الظاهر ان ما ذكروه هنا من النسخ ـ وتبعهم عليه أصحابنا فجعلوا التحريم الذي أحدثه عمر انما هو بالنسبة الى هذه المادة ـ تستر بالراح وإخماد لضوء المصباح لدفع الشنعة والافتضاح ، فان المفهوم من اخبارهم (٢) ـ كما نقلنا جملة منها في كتاب سلاسل الحديد في تقييد ابن ابي الحديد ـ ان تحريم عمر انما هو لأصل حج التمتع لا لهذه الصورة ، ولكن علماءهم لما رأوا شناعة ذلك لتصريح القرآن العزيز بالمشروعية (٣) حاولوا تخصيص تحريمه بهذه الصورة وادعوا النسخ ليكون دليلا له ، مع ان كلمات عمر وتعليلاته للتحريم لا تلائم هذه الدعوى ولا أدلتها وكفاك قوله على المنبر كما استفاض وانتشر واشتهر (٤) : «متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله حلالا وانا محرمهما ومعاقب عليهما : متعة الحج ومتعة النساء» ولو لا ان البحث في ذلك خارج عن موضوع الكتاب لكنا أوردنا شطرا من تلك الاخبار لتعلم صدق ما قلناه وصحة ما ادعيناه ولكن من أحب ذلك فليرجع الى المجلد الثاني من الكتاب المذكور في الجزء الثاني عشر منه (٥).
__________________
(١) ارجع الى التعليقة ٣ ص ٣٥٩.
(٢) ارجع الى التعليقة ٢ ص ٣٥٩.
(٣) بقوله تعالى في سورة البقرة ، الآية ١٩٥ : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ...».
(٤) المحلى لابن حزم ج ٧ ص ١٠٧ ، وأحكام القران للجصاص ج ١ ص ٣٤٢ و ٣٤٥.
(٥) ومن أراد استيفاء البحث في هذا الموضوع بنحو يوافق تحقيق المصنف (قدسسره) فليرجع الى كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي ج ٣ ص ٢٧٦ الى ٢٨١ وص ٣٩٨ الى ٤٠١.