بويه صلَةَ التلميذ بالأستاذ ، ثم ازدادت هذه الصلة متانة فأصبح ابن عباد كاتباً لابن العميد (٨) ، فأبدى من الكفاية والمقدرة ما أثار الإعجاب والتقدير.
وحينما عزم الأمير أبو منصور بويه بن ركن الدولة على زيارة بغداد في سنة ٣٤٧ ه لم يجد مَنْ يصلح لمرافقته والكتابة له في هذه الرحلة سوى ابن عباد (٩) ، فكانت صحبة السفر ـ هذه ـ مفتاحاً لعلاقةٍ توطَّدتْ بينهما على مرِّ الأيام ، فحصل للصاحب «عنده بقِدَم الخدمة قَدَم ، وأنس منه مؤيد الدولة كفاية وشهامة فلقَّبه بالصاحب كافي الكفاة» (١٠).
ولما توفي أبو الفضل ابن العميد سنة ٣٦٠ ه وولي ابنه أبو الفتح منصبه في الوزارة ، أبقى الصاحب على حاله السابقة أيام أبيه في الكتابة والصحبة ، حتى إذا مات ركن الدولة بن بويه سنة ٣٦٦ ه ورجعت الأمور إلى الأمير مؤيد الدولة خاف ابن العميد من الصاحب ـ بحكم علاقته المتينة بالأمير ـ ؛ فبعث الجند على الشغب وهمّوا بقتل الصاحب (١١) ، فرأى مؤيد الدولة أن من الحكمة إبعاد ابن عباد ـ ريثما تنفرج الأزمة ـ فأبعده إلى اصبهان ، وما ان لبث هناك مدة وجيزة من الزمن حتى تَمَّ لمؤيد الدولة ما دبَّره من الحيلة في قتل ابن العميد والتخلص منه (١٢) ف «استدعى ابن عباد من اصفهان ، وولي الوزارة ، ودبَّرها برأي وثيق» (١٣).
وحينما توفي مؤيد الدولة سنة ٣٧٣ ه ـ ولم يكن قد عهد بالأمر لأحدٍ من بعده ـ عمل الصاحب على أن يكون ذلك لفخر الدولة بن ركن الدولة. فلما
__________________
(٨) معجم الأدباء : ٦ / ١٧٢.
(٩) تجارب الأمم : ٦ / ١٦٨.
(١٠) معجم الأدباء : ٦ / ١٧٢.
(١١) معجم الأدباء : ١٤ / ١٩٤.
(١٢) المصدر السابق : ١٤ / ٢٠٦ ـ ٢١٠ و ٢١٩ ـ ٢٢٧.
(١٣) المصدر نفسه : ١٤ / ٢٢٧.