والموضوعية والمعرفة الصادقة.
لقد اعتمد الصاحب في تكوين ثقافته اللغوية على الأساتذة الذين نذكرهم فيما يأتي:
١ ـ ابن العميد :
«أبو الفضل ، محمد بن الحسين : عين المشرق ، ولسان الجبل ، وعماد ملك آل بويه ، وصدر وزرائهم ، وأوحد العصر في الكتابة وجميع أدوات الرئاسة وآلات الوزارة ، والضرب في الآداب بالسهام الفائزة ، والأخذ من العلوم بالأطراف القوية. يُدْعى الجاحظ الأخير ، والأستاذ والرئيس. يُضرَب به المثل في البلاغة ، ويُنتهى إليه في الإِشارة بالفصاحة والبراعة ، مع حسن الترسل وجزالة الألفاظ وسلاستها ، إلى براعة المعاني ونفاستها. وما أحسن وأصدق ما قال الصاحب ـ وقد سأله عن بغداد عند منصرفه عنها ـ : بغداذ في البلاد كالأستاذ في العباد.
وكان يقال : «بُدئت الكتابة بعبد الحميد وخُتمت بابن العميد» (٣٨).
ولد في آخر سنةٍ من القرن الثالث أو أول سنةٍ من القرن الرابع. وتولّى الوزارة لركن الدولة بعد وفاة أبي علي القمي سنة ٣٢٨ ه وكان عمره دون الثلاثين.
«كان أكتب أهل عصره وأجمعهم لآلات الكتابة : حفظاً للُّغة والغريب ، وتوسُّعاً في النحو والعروض ، واهتداءً إلى الاشتقاق والاستعارات ، وحفظاً للدواوين من شعراء الجاهلية والإِسلام» (٣٩) ، ويُعَدُّ ـ بحقٍّ ـ من أبرز أساتذة ابن
__________________
(٣٨) يتيمة الدهر : ٣ / ١٣٧.
(٣٩) تجارب الأمم : ٦ / ٢٧٥.