الظلمة والبيع عليهم والشراء منهم ، وان كان مكروها.
ومن الاخبار في ذلك ما تقدم في المسألة السابقة ، من موثقة إسحاق بن عمار الدال على انه يشترى من العامل ما لم يعلم انه يظلم فيه أحدا (١).
وما رواه في التهذيب عن محمد بن أبي حمزة عن رجل ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : اشترى طعاما فيجيئني من يتظلم يقول : ظلموني ، فقال : اشتره (٢).
أقول : إنما أمره عليهالسلام بالاشتراء ، لانه لم يعلم ان ظلمة كان في ذلك الطعام بعينه ، بل أخبره بأنهم يظلمون الناس. وقد عرفت ان ذلك غير مانع من جواز الشراء منهم ، ما لم يعلم الظلم في ذلك المبيع المعين المعلوم.
وعن على بن عطية ، قال أخبرني زرارة ، قال : اشترى ضريس بن عبد الملك واخوه من هبيرة أرزا بثلاثمائة الف ، قال : فقلت له : ويلك ـ أو ويحك ـ انظر الى خمس هذا المال فابعث به اليه واحتبس الباقي ، فأبى على ، قال : فأدى المال ، وقدم هؤلاء (٣) فذهب أمر بنى أمية. قال : فقلت ذلك لأبي عبد الله عليهالسلام فقال ـ مبادرا للجواب ـ : هو له هو له. فقلت : انه قد أداها ، فعض على إصبعه (٤).
وظاهر سياق الخبر المذكور : ان هبيرة كان من بنى أمية أو أعمالهم ، وان الشراء وقع في مقدمات ذهاب دولتهم على يد العباسية. وزرارة لما علم ذلك أمر ابن أخيه ان يبقى الثمن ولا يدفعه إلى البائع ، وان يبعث بخمسه الى الامام عليهالسلام ليحل له المال ، لانه مال الناصب المأمور بإخراج الخمس منه ، فامتنع ابن أخيه من ذلك ، فلما أخبر زرارة الإمام عليهالسلام قبل ان يتم له الحكاية ، حلل له الخمس الذي
__________________
(١) أصل الحديث في الوسائل ج ١٢ ص ١٦٣ حديث : ٢ باب ٥٣.
(٢) الوسائل ج ١٢ ص ١٦١ حديث : ٣.
(٣) اى بنوا العباس. والمقصود : ظهور أمرهم واستيلائهم على سرير الخلافة.
(٤) الوسائل ج ١٢ ص ١٦١ حديث : ٢.