* * *
وتمام الكلام في المقام يتوقف على بيان أمور : ـ
(الأول) : المفهوم مما نقله في المسالك عن بعض مشايخه المعاصرين ، هو اشتراط وجود اللفظ الدال على التراضي من الطرفين.
والمفهوم مما نقل عن المفيد : الاكتفاء بمجرد التراضي ، ولو بالإشارة والقرائن ، وان لم يحصل بينهما ألفاظ دالة على ذلك ، واختاره في المفاتيح وسجل عليه.
والظاهر هو الأول ، لتطرق القدح الى ما ذكره ، فإن الأصل بقاؤ ملك كل واحد لمالكه حتى يعلم الناقل شرعا ، وغاية ما يفهم من الاخبار الجارية في هذا المضمار ـ مما تلوناه عليك ونحوه ـ هو النقل وصحة العقد بالألفاظ الجارية من الطرفين ، الدالة على التراضي بمضمون ذلك العقد ، دون الصيغ الخاصة التي اعتبرها الأكثر.
واما مجرد التراضي والتقابض من غير لفظ يدل على ذلك فلم يقم عليه دليل ، وحديث «انما يحلل الكلام ويحرم الكلام» (١). مؤيد ظاهر لما قلنا ، وغاية ما تدل عليه الأدلة التي استند (٢) إليها ، من الهدايا والهبة ووقوع الشراء قديما وحديثا من البائع بغير كلام إذا كان السعر معهودا ونحو ذلك ، هو جواز التصرف ، وهو مما لا نزاع فيه ولا إشكال ، اما كونه موجبا للنقل من المالك السابق ما دامت العين موجودة ، بحيث لا يجوز لصاحبها الرد فيها ، فغير معلوم ، كيف وقد صرحوا بأنه لا خلاف في جواز الرد في الهدايا ما دامت العين موجودة ، وحديث «انما يحلل الكلام ويحرم الكلام». مؤيد أيضا ، إذ لم يحصل من الكلام ما أوجب الانتقال حتى يحرم الرد والرجوع ، واما جواز التصرف فلا ينافي الخبر المذكور ، لانه محمول على اللزوم وعلى ما بعد
__________________
(١) الوسائل ج ١٢ ص ٣٧٦ حديث : ٤.
(٢) صاحب المفاتيح.