على الدليل الشرعي ، وليس الا مجرد هذه التعليلات التي ذكروها ، وقد عرفت ما فيها.
وثانيا : اشتراطهم جميع شروطهم البيع عدا الصيغة الخاصة في ترتب تلك الأحكام على المعاطاة ، ينافي ما ذكرت. فان الناظر في ذلك يجزم بأنه بيع (١) فان ثبت اشتراط صحة البيع بالصيغة الخاصة كان بيعا فاسدا ، وان لم يثبت ـ كما هو المختار ـ كان بيعا صحيحا.
نعم لو لم يشترط شرط صحة البيع في المعاطاة لأمكن ان يقال : انها معاملة أخرى غير البيع ، وان لم يقم عليها دليل ، الا ان الأمر ليس كذلك ، كما عرفت.
وبالجملة ، فاللازم اما فساد هذه المعاملة أو كونها بيعا حقيقيا ، وما ذكروه من التعليلات كما صرحوا به وان كانت ترى في بادئ النظر صحته ، الا انه بالتأمل فيما ذكرناه يظهر فساده ، وهو مؤيد لما قلناه في غير مقام من مجلدات كتابنا هذا ، من ان الاعتماد على أمثال هذه التعليلات في تأسيس الأحكام الشرعية مما لا ينبغي العمل عليها ، بل الاعتماد انما هو على الاخبار ان صرحت به ، أو أومأت إليه.
(الثالث) : قال في المسالك : هل المراد بالإباحة الحاصلة بالمعاطاة قبل ذهاب العين ، افادة ملك متزلزل كالمبيع في زمن الخيار ، وبالتصرف يتحقق لزومه ، أم الإباحة المحضة التي هي بمعنى الاذن في التصرف ، وبتحققه يحصل الملك له وللعين الأخرى؟ يحتمل الأول ، بناء على ان المقصود للمتعاقدين انما هو الملك ، فإذا لم يحصل كانت فاسدة ولم يجز التصرف في العين ، وان الإباحة إذا لم تقتض الملك فما الذي أوجب حصوله بعد ذهاب العين الأخرى؟ ويحتمل الثاني ، التفاتا الى ان الملك لو حصل بها لكانت بيعا ، ومدعاهم نفى ذلك ، واحتجاجهم بان الناقل للملك لا بد
__________________
(١) أقول : وممن صرح بأنها بيع ، المحقق الشيخ على في شرح القواعد ، حيث قال في ضمن كلام في المقام : فان المعروف بين الأصحاب انها بيع ، وان لم يكن كالعقد في اللزوم خلافا لظاهر عبارة المفيد. منه رحمهالله.