البائع ، كائنا من كان. وهذه الدعوى انما وقعت هنا لضيق الخناق في المقام بسبب هذه الاخبار الظاهرة الدلالة على خلاف قواعدهم في هذه الأحكام. فالأخبار ظاهرة في تأييد ما ذكرناه كما لا يخفى على ذوي الأفهام.
ومن هذه الاخبار ايضا يظهر ان ما اشتملت عليه صحيحة الحلبي المتقدمة ، من عدم صحة بيع العدل الثاني بعد وزن الأول ، وعدم تصديق البائع في ذلك ، مما يحتاج الى ارتكاب التأويل فيه ، والإخراج عن ظاهره.
الموضع الثاني : لا يخفى انه متى قلنا بعدم الصحة في بعض الموارد لاختلال أحد هذه الشرائط المذكورة ، وقد قبض المشترى المبيع ، مع ما عرفت من بطلان البيع ، فإنهم قد صرحوا بأنه يكون مضمونا عليه ، لما تقرر عندهم من ان «كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده». ويؤيد الخبر المشهور «على اليد ما أخذت حتى تؤدى» وكذا كل مأخوذ بالبيع الفاسد ، عالما بالفساد كان أو جاهلا.
ويظهر من المحقق الأردبيلي ـ في شرح الإرشاد ـ المناقشة هنا في عموم الحكم. قال ـ بعد قول المصنف «والمقبوض بالسوم أو البيع الفاسد مضمون على المشترى» ـ ما لفظه :
ثم الذي يظهر من كلامهم : عدم الخلاف في ان المقبوض بالسوم اى المال الذي أخذ للبيع أو الشراء مضمون مثل الغصب ، ولو تلف مطلقا فالقابض ضامن. ووجهه غير ظاهر مع الأصل ، والذي يقتضيه النظر كونه امانة ، ولعل لهم نصا أو إجماعا ، كما هو الظاهر من تشبيه البيع الفاسد به في الضمان ، فتأمل.
وكذا المأخوذ بالبيع الفاسد كان القابض عالما بالفساد أو جاهلا ، ودليلهم الخبر المشهور «على اليد ما أخذت حتى تؤدى» والقاعدة المشهورة «كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده» و «مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده» وصحتها غير ظاهرة. والأصل يقتضي العدم ، وهو مع الجهل بالفساد قوى ، ومع علم الأخر أقوى.