فتأمل. انتهى.
وانما أوردناه بطوله لقوته وجودة محصوله. واما ما استظهر في آخر كلامه من عدم صحة العبادة في أول وقتها ، مع منافاة حق الأدمي ، فهو مبنى على مذهبه في المسألة الأصولية ، من ان الأمر بالشيء يستلزم النهى عن ضده الخاص. والذي حققناه فيما تقدم من كتب العبادات من هذا الكتاب عدم ثبوت هذه القاعدة وما يترتب عليها من الفائدة.
الموضع الثالث: لو تلف المبيع في يد المشترى في صورة يكون مضمونا عليه ، فان كان قيميا فقيمته ، الا انه قد وقع الخلاف هنا في القيمة.
فقيل : قيمة يوم التلف لانه وقت الانتقال إلى القيمة ، واما قبل التلف فهو مخاطب برد العين وأدائها لا بالقيمة. وجعله شيخنا الشهيد الثاني في الروضة هو الأقوى.
وقيل : يوم القبض ، لانه مضمون عليه من ذلك الوقت بسبب فساد البيع ، وهو اختيار الشرائع.
وقيل : الا على من يوم القبض الى يوم التلف ، وهو منقول عن ابن إدريس ، واستحسنه شيخنا الشهيد الثاني ، ان كان التفاوت بسبب نقص في العين أو زيادة ، لأن زيادة العين مضمونة مع بقائها ، وكذا مع تلفها فيرجع عليه بأعلى القيمتين. اما لو كان التفاوت باختلاف السوق فان الواجب القيمة يوم التلف ، كما هو القول الأول. فالأقوال في المسألة : أربعة.
أقول : لا يخفى ان الاعتماد على هذه التعليلات الاعتبارية ، لا سيما مع تضادها ، لا يخلو من الاشكال ، مع انه قد روى ثقة الإسلام في الكافي ، والشيخ في التهذيب. عن ابى ولاد الحناط في الصحيح ، قال : اكتريت بغلا الى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا وكذا ، وخرجت في طلب غريم لي ، فلما صرت قرب قنطرة الكوفة خبرت ان صاحبي توجه الى النيل ، فلما أتيت النيل خبرت انه قد توجه الى بغداد ، فاتبعته