فقال : إنما رضي بذلك وحللك حين قضى عليه أبو حنيفة بالجور والظلم. ولكن ارجع اليه فأخبره بما أفتيتك به ، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شيء عليك بعد هذا. قال أبو ولاد : فلما انصرفت من وجهي ذلك ، لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني أبو عبد الله عليهالسلام ، وقلت له : قل ما شئت حتى أعطيك. فقال : قد حببت الى جعفر بن محمد ، ووقع في قلبي له التفضيل ، وأنت في حل. وان أحببت أن أرد عليك الذي أخذت منك فعلت (١).
وأنت خبير بان ما نحن فيه ـ أحد جزئيات مسألة الغصب ، كما عرفته آنفا من كلام المحقق الأردبيلي ، ونقل ذلك عن الأصحاب.
ومن هذه الرواية يظهر قوة القول الثاني ، وهو قيمة يوم القبض ، لان ظاهره : انه عليهالسلام أوجب عليه قيمة البغل يوم المخالفة ، التي بها صار مغصوبا وصار في ذلك اليوم مضمونا عليه ، الا ان في الخبر المذكور احتمالا آخر ، وهو ان يكون قوله عليهالسلام «يوم خالفته» ظرفا للزوم القيمة ، بمعنى انه يلزم القيمة في ذلك اليوم ، واما قدر القيمة فهو غير معلوم من الخبر ، فيحتاج في تعيينه الى دليل آخر. والاستدلال بالخبر ـ كما ذكرنا ـ أو لا مبنى على كون الظرف المذكور ظرفا للقيمة ، يعني قيمة ذلك اليوم. وتغاير الوجهين واضح. وبذلك بقيت المسألة في قالب الاشكال.
* * *
هذا ان كان قيميا ، وان كان مثليا فالمعروف من مذهب الأصحاب : انه يضمنه بمثله ، الا انه قد اضطرب عباراتهم في ضبط المثلي. فالمشهور بينهم : انه ما يتساوى قيمة اجزائه. وضبطه بعضهم بالمقدر بالكيل أو الوزن. وبعض بأنه ما يتساوى اجزاؤه في الحقيقة النوعية ، وزاد آخرون : اشتراط جواز السلم فيه. وعرفه في الدروس بأنه المتساوي الأجزاء المتقاربة الصفات. قيل : وهو أقرب التعريفات إلى السلامة.
فلو كان المثل موجودا ولم يسلمه حتى فقد ـ والمراد بفقدانه ان لا يوجد في
__________________
(١) الوسائل ج ١٣ ص ٢٥٥ ـ ٢٥٧ حديث : ١ باب : ١٧ أبواب أحكام الإجارة.