الماء. واليه يميل كلام صاحبي المدارك والمعالم ، وهو أشد إشكالا. وقد تقدم لبحث معهم في ذلك في كتاب الطهارة وبينا حمل ما دل على ذلك على التقية.
والمشهور في كلام الأصحاب تحريم الاستصباح بما قطع من أليات الغنم ، بناء على ما ذكرناه من انها ميتة ، والميتة لا ينتفع بشيء منها مما تحله الحياة.
ونقل الشهيد عن العلامة جواز الاستصباح به تحت السماء ، ثم قال : وهو ضعيف ، الا انه روى ابن إدريس في السرائر عن جامع البزنطي ، عن الرضا عليهالسلام قال : سألته عن رجل يكون له الغنم ، يقطع من ألياتها وهي أحياء ، أيصلح له ان ينتفع بما قطع؟ قال : نعم ، يذيبها ويسرج بها ولا يأكلها ولا يبيعها (١).
وروى هذه الرواية أيضا الحميري في قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده على بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام مثله (٢). والرواية المذكورة كما ترى ظاهرة الدلالة في القول المذكور.
وظاهر شيخنا المجلسي ـ رحمهالله عليه ـ في البحار : الميل الى العمل بهذه الرواية ، حيث قال ـ بعد نقل الخلاف في هذه المسألة ـ : والجواز عندي أقوى ، لدلالة الخبر الصحيح المؤيد بالأصل على الجواز ، وضعف حجة المانع ، إذ المتبادر من تحريم الميتة تحريم أكلها ، كما حقق في موضعه ، والإجماع ممنوع انتهى.
وفيه : انه ـ وان كان المتبادر من الآية ، وهي قوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» انما هو تحريم الأكل كما ذكره ـ الا ان الدليل ليس منحصرا فيها بل الدليل على ذلك : انما هو الاخبار الصريحة في ان الميتة لا ينتفع بشيء منها.
ومن تلك الاخبار ما هو في خصوص موضع البحث ، وها أنا أورد لك ما حضرني الان منها ، فمنها : ما رواه في الكافي عن الحسن بن على الوشاء ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام فقلت : جعلت فداك ، ان أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم ، فيقطعونها. فقال : حرام هي. فقلت : جعلت فداك ، فنصطبح بها؟ فقال : أما عملت انه يصيب اليد والثوب ،
__________________
(١) السرائر ص ٤٦٩.
(٢) قرب الاسناد ص ١١٥.