به أَبَلَتْ شَهْرَىْ رَبِيعٍ كِليْهِمَا |
|
فقد مارَ فيها نَسْؤُهَا واقْتِرَارُها (١) |
فالنَسْءُ : بَدْءُ السِمَنِ. والاقْتِرَارُ نِهَايته.
ونَسَأْتُ اللبَنَ : خَلَطْنُهُ بماءٍ ، واسمه النَسْءُ ، قال عُرْوَةُ بن الوَرْدِ العَبْسِىُّ :
سَقوْنِى النَسْءَ (٢) ثم تَكَنَّفُونِى |
|
عُدَاةُ الله من كَذِبٍ وَزُورِ |
وقوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) هو فعيل بمعنى مفعول من قولك : نَسَأْتُ الشىءَ ، فهو مَنْسُوءٌ ، إذا أَخَّرْتَهُ ، ثم يُحوَّلُ مَنسُوءٌ إلى نَسِيءٍ ، كما يُحَوَّلُ مَقتولٌ إلى قَتِيلٍ.
ورجلٌ نَاسِئٌ وقومٌ نَسَأَةٌ ، مثل : فَاسِقٍ وفَسَقَةٍ ، وذلك أنهم كانوا إذا صَدَرُوا عن مِنًى يقوم رجل من كِنَانَةَ فيقول : أنا الذى لا يُرَدُّ لى قَضَاءٌ! فيقولون : أَنْسِئْنَا شهراً ، أى : أَخِّرْ عنا حُرُمَةَ الْمُحَرَّمِ واجعلها فى صَفَرٍ ، لأنهم كانوا يكرهون أن تتوالى عليهم ثلاثةُ أشهُرٍ لا يُغِيرُونَ فيها ، لأن مَعَاشَهُمْ كان من الغارَةِ ؛ فَيُحِلُّ لهم الْمُحَرَّمَ.
وقولهم : أَنْسَأْتُ سُرْبَتِى ، أى : أَبْعَدْتُ مذهبى. قال الشَنْفَرَى :
عَدَوْنَ مِنَ الْوَادِى الذى بين مِشْعَلٍ |
|
وَبَيْنَ الْحَشا هيهَاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتِى (١) |
وانتَسَأْتُ عنه : تأَخَّرْتُ وتبَاعدتُ ، وكذلك الإبل إذا تبَاعَدَت فى المرعى. قال الشاعر (٢) :
إذا انتَسَئُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ |
|
عَوَائِرُ نَبْلٍ كالْجَرادِ نُطِيرُها (٣) |
ويقال : إنَّ لى عنك لَمُنْتَسَأً ، أى : مُنْتَأًى وسَعَة.
نشأ
أَنْشَأَهُ الله : خَلَقَهُ. والاسم النَّشْأَةُ والنَّشَاءَةُ بالمدِّ ، عن أبى عمرو بن العَلَاء. وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ، أى : ابتَدَأَ. وفلان يُنْشِئُ الأحاديث ، أى يَضَعُهَا.
والناشِئُ : الْحَدَثُ الذى قد جاوز حَدَّ الصِغَرِ ، والجاريةُ ناشِئٌ أيضاً ، والجمع النَشَأُ ، مثل : طالبٍ وطلَبٍ ، وكذلك النَشْءُ ، مثل : صاحبٍ وصَحْبٍ.
والنَشءُ أيضاً : أول ما يَنْشَأُ من السحاب.
ونَشَأْتُ فى بنى فلانٍ نَشْأً ونُشُوءًا ، إذا شَبَبْتُ فيهم. ونُشِّئَ وأُنْشِئَ بمعنى : وقُرِئَ ، (أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ)(٤).
__________________
(١) أبلت : جزأت بالرطب عن الماء. ومار : جرى.
(٢) وقيل النسء : الشراب الذى يزيل العقل ، وبه فسر ابن الأعرابى النسء ههنا ، قال : إنما سقوه الخمر.
ويقوى ذلك رواية سيبويه «سقونى الخمر».
(١) قال ابن برى : «الصواب عدونا» أى كما أنشده فى سرب كذلك. اه شرح القاموس. وفى اللسان فى مادة (سرب) منه «غدونا» بالغين المعجمة ، وفى المفضليات «وبين الجبى». ويرى «أنشأت» بالشين المعجمة : أظهرت جماعتى من مكان بعيد لمغزى بعيد.
(٢) الشعر لمالك بن زغبة الباهلى.
(٣) يروى إذا أنسؤوا ، وعوائر نبل ، أى جماعة سهام متفرقة لا يدرى من أين أتت.
(٤) فى اللسان : قال الفراء : قرأ أصحاب عبد الله : (يُنَشَّؤُا) وقرأ عاصم وأهل الحجاز «يَنْشَأ».