الناصرية حيث ذكر المسألة أن معرفة مقدار رأس المال شرط في صحة السلم ، ما أعرف لأصحابنا إلى الان نصا في هذه المسألة ، الا أنه يقوى في نفسي أنه رأس مال السلم إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة لم يفتقر الى ذكر صفاته ومبلغ وزنه وعدده ، وهو المعمول عليه من قول الشافعي ، ثم نقل عن أبي حنيفة القول بما عليه الأصحاب من الاشتراط إذا كان مكيلا أو موزونا أو معدودا ، والمشهور الأول وبه صرح الشيخ في المبسوط والخلاف.
احتج العلامة في المختلف للقول المشهور قال : لنا انه غرر فيكون منهيا عنه ، لأن النبي صلىاللهعليهوآله (١) «نهى عن الغرر». ولانه عقد لا يمكن إتمامه في الحال ولا تسليم المعقود عليه ، ولا يؤمن انفساخه فوجب معرفة مقدار رأس المال ليرد بدله ، ولانه لولاه لأفضى إلى التنازع والشارع أرشد إلى المصالح النافية للتنازع ، كالشهادة وغيرها ، ومعلوم أن الضرر الناشي من تجهيل الثمن أشد من ضرر ترك الشهادة ولانه لا يؤمن أن يظهر بعض الثمن مستحقا فيفسخ العقد في قدره ، فلا يدرى كم بقي وكم انفسخ.
ونقل عن المرتضى أنه احتج بما روى عن النبي (٢) (صلىاللهعليهوآله) «انه قال : من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم». فاذن النبي صلىاللهعليهوآله في السلم على هذه الصفات ولم يشترط سواها» ثم أجاب عنه بأنه بين أولا النهي عن الغرر ، ومن جملته جهالة الثمن ، فالإذن في السلم بعد ما بين أولا غير دال على ما ادعاه انتهى. وحاصله أن الخبر مطلق يجب تقييده بما دل على النهى عن الغرر.
وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور لأنه الأنسب بالقواعد الشرعية والضوابط المرعية مع موافقته للاحتياط المطلوب في الدين كما لا يخفى على الحاذق المكين.
__________________
(١) الوسائل الباب ٤٠ من أبواب آداب التجارة الرقم ٤.
(٢) المستدرك ج ٢ ص ٤٧٨.