وظاهرها ايضا حصول السفه بارتكاب بعض المعاصي ، كشرب الخمر والزنا ، وان لم يتضمن تضييع المال ، ولم أطلع على قائل به ، الا أن يحمل على ما يتضمن التضييع وفيه بعد.
وحمل بعض أصحابنا السفه الوارد في الاخبار في شارب الخمر على معنى غير المعنى المذكور هنا ، وكأنه أراد به الفسق ، وهو غير بعيد الا ان في بعض الاخبار في تفسير الآية وهي قوله «وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ» تفسيرها بشارب الخمر ، فلا يتم ما ذكره.
وظاهر كلام العلامة في التذكرة ـ المتقدم نقله في المقام الثالث من الموضع الأول في الصغر ـ أن ما لا يتضمن تضييع المال من المعاصي كمنع الزكاة وترك الصلاة ونحوهما لا يعد سفها مع حفظ المال.
الا أن في المقام اشكالا قل من تنبه له ، وهو أنه قد دلت الاخبار على جواز معاملة الظلمة والحكام ، وأخذ جوائزهم وعطاياهم ، وقد تقدم نقل جملة من الاخبار بذلك وقبول الأخماس والزكوات منهم ، ونحو ذلك مع انه لا إشكال في ثبوت السفاهة في حقهم بصرف الأموال في غير حلها ، مثل شراء الخمر وآلات اللهو وصرف الأموال إلى المغنين ، وأصحاب اللهو واللعب كما شاهدناه في زماننا ، وصرف الأموال رياء وسمعة ونحو ذلك من المصارف المحرمة.
ومقتضى ذلك الحكم بسفاهتهم وعدم جواز معاملتهم ، ولأصحاب والاخبار على خلافه ، وأن غاية ما حكم به الأصحاب الكراهة ، تفاريا من طرح الأخبار الدالة على جواز ذلك ، وأيضا أن الأصحاب صرحوا بأن الرشد شرط في صحة المعاملات كما هو ظاهر الآية المتقدمة.
وحينئذ فلا بد من تحققه ، والعلم به في صحة المعاملة ، تحقيقا للشرطية ، وعلى هذا فمن دخل سوقا ليشتري متاعا سيما إذا كان غريبا كيف له بمعرفة ذلك ، والعلم به أولا لتصح معاملته ، مع أنه شرط إجماعا ، ومقتضى الأصل العدم ، حتى يعلم ذلك.