ينص على التخصيص ، ويمنع من التخطي إلى غيره ، فلا يجوز له التجاوز قطعا.
أقول : في جواز التعدي مع التخصيص وان لم يمنع من التخطي إلى غيره الى ما ساواه أو قصر عنه اشكال ، للخروج عن موضع الاذن والرخصة ، فإن الظاهر أن التخصيص في قوة المنع عن غيره ، ولا خلاف بينهم في عدم جواز الغير مع المنع عن غير ما خصصه.
ثم قال : وان أطلق فالأقوى أن حكمه حكم التعميم ، لأن إطلاق الاذن في الانتفاع يشعر بعموم الرضا بجميع وجوهه ، إذ لا وجه من الوجوه أولى بالضرر من الأخر. ثم قال : إذا أذن له في الزرع فاما أن يطلق أو يعمم أو يخصص ، ولا بحث في الأخيرين.
وأما الأول فإنه يصح عندنا ويستبيح المستعير جميع الزرع ، اختلف ضررها أو اتفق وهو أصح وجهي الشافعية عملا بإطلاق اللفظ.
وقال بعضهم : تصح العارية ولا يزرع إلا أقل الأنواع ضررا لأصالة عصمة مال الغير ، ولا بأس به.
أقول : ظاهره الرجوع عما أفتى به أولا في هذه المسئلة من العمل بالإطلاق وان اختلف الضرر ، وهو وارد عليه أيضا فيما ذكره من اختيار العمل بالإطلاق في المسئلة الاولى ، مع أنه قوى أن حكمه حكم التعميم ، ثم قال : ولو قال : أعرتكها لزرع الحنطة ولم ينه عن غيرها كان له زرع ما هو أقل ضررا من الحنطة عملا بشاهد الحال كالشعير والباقلاء ، وكذا زرع ما يساوى ضرره ضرر الحنطة ، وليس له زرع ما ضرره أكثر.
أقول : قد تقدم ما فيه من الاشكال ، ثم قال : ينقسم العارية باعتبار الزمان إلى ثلاثة كما انقسمت باعتبار النفع إليها ، لأن المعير قد يطلق العارية من غير تقييد بزمان ، وقد يوقت بمدة ، وقد يعمم الزمان كقوله أعرتك هذه الأرض ولا يقرن لفظه بوقت أو زمان ، أو أعرتك هذه الأرض سنة أو شهر أو أعرتك هذه