كانا قويين فلم لا يدفع كل واحد منهما صاحبه وينفرد بالتدبير ، وان زعمت ان أحدهما قوى والاخر ضعيف ثبت انه واحد كما تقول ، للعجز الظاهر في الثاني ، وان قلت : انهما اثنان لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو متفرقين من كل جهة ، فلما رأينا الخلق منتظما ، والفلك جاريا واختلاف الليل والنهار والشمس والقمر دل صحة الأمر والتدبير وايتلاف الأمر أن المدبر واحد ، ثم يلزمك ان ادعيت اثنين فلا بد من فرجة بينهما حتى يكونا اثنين ، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما ، فيلزمك ثلاثة ، فان ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتى يكون بينهما فرجتان فيكون خمسا ، ثم يتناهى في العدد الى ما لا نهاية في الكثرة.
٢٧ ـ حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد رضى الله عنه قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : ما الدليل على أن الله واحد؟ قال : اتصال التدبير وتمام الصنع كما قال عزوجل : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا).
٢٨ ـ وباسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليهالسلام حديث طويل وفي آخره قلت : جعلت فداك بقيت مسئلة ، قال : هات لله أبوك ، قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسائلك لصعبة أما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقال يحكى قول أهل النار : «ارجعنا (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) وقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) فقد علم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون.
٢٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم : واما الرد على الثنوية فقوله : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) الاية قال : لو كان الهين لطلب كل واحد منهما العلو ، وإذا شاء واحد أن يخلق إنسانا شاء الاخر أن يخالفه فيخلق بهيمة ، فيكون الخلق منهما على مشيتهما ، واختلاف ارادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة ، فهذا من أعظم المحال غير موجود ،