أيجوز ذلك؟ قال : ان موسى عليهالسلام علم انه يتم له شرطه فكيف لهذا ان يعلم انه يبقى حتى يفي قلت له : جعلت فداك أيهما زوجه شعيب من بناته؟ قال : التي ذهبت اليه فدعته وقالت لأبيها : (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ) قال لشعيب : لا بد لي أن أرجع الى وطني وأمي وأهل بيتي فما لي عندك؟ فقال شعيب عليهالسلام : ما وضعت أغنامى في هذه السنة من غنم بلق فهو لك ، فعمل موسى عليهالسلام عند ما أراد أن يرسل الفحل على الغنم الى عصاه فقشر منه بعضه وترك بعضه. وغرزه في وسط مربض الغنم وألقى عليه كساء أبلق ثم أرسل الفحل على الغنم فلم يضع الغنم في تلك السنة الا بلقا ، فلما حال عليه الحول وحمل موسى امرأته وزوده شعيب من عنده وساق غنمه ، فلما أراد الخروج قال لشعيب. أبغى عصا يكون معى وكانت عصى الأنبياء عليهمالسلام عنده قد ورثها مجموعة في بيت ، فقال له شعيب : ادخل هذا البيت وخذ عصا من بين العصى ، فدخل فوثب اليه عصا نوح وإبراهيم عليهماالسلام وصارت في كفه فأخرجها ونظر إليها شعيب فقال : ردها وخذ غيرها ، فردها ليأخذ غيرها فوثبت اليه تلك بعينها فردها حتى فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما رأى شعيب عليهالسلام ذلك قال له : اذهب فقد خصك الله عزوجل بها ، فساق غنمه فخرج يريد مصر فلما صار في مفازة ومعه أهله أصابهم برد شديد وريح وظلمة ، وجهنم الليل فنظر موسى الى نار قد ظهرت كما قال الله تعالى : (فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) فاقبل نحو النار يقتبس فاذا شجرة ونار تلتهب عليها فلما ذهب نحو النار يقتبس منها أهوت ففزع وعدا ورجعت النار الى الشجرة ، فالتفت إليها وقد رجعت الى الشجرة فرجع الثانية ليقتبس فأهوت اليه فعدا وتركها ، ثم التفت وقد رجعت الى الشجرة ، فرجع إليها الثالثة فأهوت اليه فعدا ولم يعقب اى لم يرجع ، فناداه الله عزوجل ان : (يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ).
٦٢ ـ في تهذيب الأحكام أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن الحسن