كم عللت بكفيك ومرضت بيديك تبتغي لهم الشفاء! وتستوصف لهم الأطباء ، وتلتمس لهم الدواء ، لم تنفعهم بطلبك ولم تشفعهم بشفاعتك ، مثلت لهم الدنيا مصرعك (١) ومضجعك حيث لا ينفعك بكاءك ، ولا يغني عنك أحباؤك.
١٠٥ ـ في أصول الكافي باسناده الى محمد بن مسلم بن شهاب قال : سئل على بن الحسين عليهماالسلام أى الأعمال أفضل عند الله عزوجل؟ فقال : ما من عمل بعد معرفة الله عزوجل ومعرفة رسوله صلىاللهعليهوآله أفضل من بغض الدنيا ، وان لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا ، فأول ما عصى الله به الكبر وهي معصية إبليس حين (أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) ، والحرص وهي معصية آدم وحوا حين قال الله عزوجل لهما : (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فأخذا ما لا حاجة بهما اليه ، فدخل ذلك على ذريتهما الى يوم القيامة ، وذلك ان أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به اليه ، ثم الحسد وهي معصية ابن آدم حين حسد أخاه فقتله فتشعب من ذلك حب النساء وحب الدنيا وحب الرياسة وحب الراحة وحب الكلام وحب العلو والثروة ، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا ، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والدنيا دنيائان : دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.
١٠٦ ـ وباسناده الى طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : مثل الدنيا كمثل ماء البحر ، كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا.
١٠٧ ـ في بصائر الدرجات محمد بن عبد الحميد وأبو طالب جميعا عن حنان ابن سدير عن أبي جعفر عليهالسلام قال : ان الله علما عاما وعلما خاصا ، فأما الخاص فالذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل ، واما علمه العام فالذي اطلعت عليه الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون ، وقد وقع ذلك كله إلينا ثم قال : أو ما تقرأ : (عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ).
١٠٨ ـ في كتاب الخصال عن أبي اسامة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قال : الا
__________________
(١) وفي المصدر «قد مثلت لك الدنيا بهم مصرعك ...».