وانما أراد بذلك تنزيه الله تعالى عن قول من زعم ان الملائكة بنات الله ، فقال الله عزوجل : (أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً) فقال النبيصلىاللهعليهوآله لما رآها تغتسل : سبحان الله الذي خلقك ان يتخذ ولدا يحتاج الى هذا التطهير والاغتسال ، فلما دعا زيد الى منزله أخبرته امرأته بمجيء الرسول عليهالسلام وقوله لها : «سبحان الذي خلقك» فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، فظن انه قال ذلك لما أعجبه من حسنها ، فجاء الى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ان امرأتى في خلقها سوء ، وانى أريد طلاقها ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) وقد كان الله عزوجل عرفه عدد أزواجه وان تلك المرأة منهن ، فأخفى ذلك في نفسه ولم يبده لزيد وخشي الناس أن يقولوا ان محمدا يقول لمولاه : ان امرأتك ستكون لي زوجة فيعيبونه بذلك ، فأنزل الله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) يعنى بالإسلام (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) «يعنى بالعتق» (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ثم ان زيد بن حارثة طلقها واعتدت منه فزوجها الله تعالى من نبيه صلىاللهعليهوآله وأنزل بذلك قرآنا فقال عزوجل : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) ثم علم عزوجل ان المنافقين سيعيبونه بتزويجها فأنزل : (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) فقال المأمون : لقد شفيت صدري يا ابن رسول الله ، وأوضحت لي ما كان ملتبسا على ، فجزاك الله عن أنبيائه وعن الإسلام خيرا.
١٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمهالله عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديث طويل وفيه يقول عليهالسلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء وانخفاض محله وغير ذلك ، تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحدا من الأنبياء مثل قوله : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) والذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلىاللهعليهوآله من فرية الملحدين ، وهنا كلام طويل يطلب عند قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا)
١٣٢ ـ في مجمع البيان (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) قيل ان الذي أخفاه