داره التي بالحوبة وذلك بعد الغروب بقليل ، فضربت الباب فأجابنى أخي فقال من هذا؟ فقلت : على ، فقال : هو ذا أخرج وكان بطيء الوضوء ، فقلت : العجل قال وأعجل فخرج وعليه إزار ممشق (١) قد عقده في عنقه حتى قعد تحت عتبة الباب فقال على بن جعفر : فانكببت عليه فقبلت رأسه وقلت : قد جئتك في امر ان تره صوابا فالله وفق له وان يكن غير ذلك فما أكثر ما نخطئ ، قال : وما هو؟ قلت : هذا ابن أخيك يريد أن يودعك ويخرج الى بغداد فقال له : ادنه فدعوته وكان متنحيا فدنا منه فقبل رأسه وقال : جعلت فداك : أوصني ، فقال أوصيك ان تتقى الله في دمي ، فقال : من أرادك بسوء فعل الله به وفعل ، ثم عاد فقبل رأسه ثم قال : يا عم أوصنى فقال : أوصيك ان تتقى الله في دمي ، فدعا على من أراده بسوء ثم تنحى عنه ، ومضيت معه ، فقال لي أخى : يا على مكانك فقمت مكاني فدخل منزله ، ثم دعاني فدخلت اليه فتناول صرة فيها مأة دينار فأعطانيها وقال : قل لابن أخيك يستعين بها على سفره قال على : فأخذتها فأدرجتها في حاشية ردائي ثم ناولني مأة اخرى وقال : أعطه أيضا ثم ناولني صرة اخرى وقال : أعطه أيضا ، فقلت : جعلت فداك إذا كنت تخاف منه مثل الذي ذكرت فلم تعينه على نفسك؟ فقال إذا وصلته وقطعني قطع الله أجله ، ثم تناول مخدة أدم فيها ثلاثة آلاف درهم وضح (٢) فقال : أعطه هذه أيضا قال : فخرجت اليه فأعطيته المأة الاولى ففرح بها فرحا شديدا ودعا لعمه ، ثم أعطيته الثانية والثالثة ففرح حتى ظننت انه سيرجع ولا يخرج ، ثم أعطيته الثلاثة آلاف درهم فمضى على وجهه حتى دخل على هارون فسلم عليه بالخلافة وقال : ما ظننت ان في الأرض خليفتين حتى رأيت عمى موسى بن جعفر يسلم عليه بالخلافة فأرسل هارون اليه بمأة الف درهم فرماه الله بالذبحة (٣) فما نظر منها الى درهم ولا مسه.
٥٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليهالسلام في قولهعزوجل : وما يستوي البحر ان هذا عذاب فرات وهذا ملح أجاج و
__________________
(١) ممشق اى مصبوغ بالمشق وهو الطين الأمر.
(٢) الوضح : الدرهم الصحيح.
(٣) الذبحة : وجع في الحلق أو دم يخنق فيقتل.