ولا لاط ولا شرب الخمر ولا ارتكب شيئا مما ذكرت ، ولكن الله عزوجل اجرى الماء المالح على ارض ملعونة سبعة أيام ولياليها ثم نضب الماء عنها ، ثم قبض قبضة وهي طينة ملعونة من حمأ مسنون وهي طينة خبال وهي طينة أعدائنا ، فلو ان الله عزوجل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين ولم يقروا بالشهادتين ، ولم يصوموا ولم يصلوا ولم يزكوا ولم يحجوا البيت ، ولم تروا أحدا منهم بحسن خلق ، ولكن الله تبارك وتعالى جمع الطينتين : طينتكم وطينتهم فخلطها وعركها عرك الأديم (١) ومزجها بالمائين ، فما رأيت من أخيك المؤمن من شر لوط (٢) أو زنا أو شيء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره فليس من جوهريته ولا من ايمانه انما هو بمسحة الناصب اجترح (٣) هذه السيئات التي ذكرت ، وما رأيت من الناصب من حسن وجهه وحسن خلق أو صوم أو صلوة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته ، انما تلك الأفاعيل من مسحة الايمان اكتسبها وهو اكتساب مسحة الايمان قلت : جعلت فداك فاذا كان يوم القيامة فمه؟ قال لي : يا إسحاق لا يجمع الله الخير والشر في موضع واحد ، إذا كان يوم القيامة نزع الله عزوجل مسحة الايمان منهم فردها الى شيعتنا ، ونزع مسحة الناصب بجميع (٤) ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا وعاد كل شيء الى عنصره الاول الذي منه كان ابتدأ ، أما رأيت الشمس إذا هي بدت الا ترى لها شعاعا زاجرا متصلا بها أو بائنا منها؟ قلت : جعلت فداك الشمس إذا غربت بدا إليها الشعاع كما بدا منها ، ولو كان بائنا منها لما بدا إليها ، قال : نعم يا اسحق كل شيء يعود الى جوهره الذي منه بدا ، قلت : جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا وتوخذ سيئاتنا فترد إليهم قال : اي والله الذي لا اله الا هو ، قلت : جعلت فداك أخذتها
__________________
(١) عرك الأديم : دلكه.
(٢) وفي المصدر «من شر لفظ» مكان «من شر لوط».
(٣) اجترح بمعنى اكتسب.
(٤) وفي بعض النسخ «يجتمع» بدل «بجميع» والمختار هو الظاهر الموافق للمصدر.