قال : ولما رجع سليمان الى ملكه قال لأصف ـ وكان آصف كاتب سليمان وهو الذي كان عنده علم من الكتاب ـ : قد عذرت الناس بجهالتهم فكيف أعذرك؟ فقال : لا تعذرني ، فلقد عرفت الحوت (١) الذي أخذ خاتمك وأباه وامه وعمه وخاله ، ولقد قال لي : اكتب لي فقلت له : ان القلم لا يجرى الجور ، فقال : اجلس ولا تكتب فكنت اجلس ولا اكتب شيئا ، ولكن أخبرني عنك يا سليمان صرت تحب الهدهد وهو أخس الطير منبتا وأنتنه ريحا ، قال : انه يبصر الماء من وراء الصفا الأصم ، فقال : وكيف يبصر الماء من وراء الصفا وانما يوارى عنه الفخ بكف من تراب حتى يأخذ بعنقه؟ فقال سليمان : قف يا وقاف (٢) انه إذا جاء القدر حال دون البصر.
٤٧ ـ في مجمع البيان : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ) الآية واختلف العلماء في زلته وفتنته والجسد الذي القى على كرسيه على أقوال : منها ان سليمان عليهالسلام قال يوما في مجلسه لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف في سبيل الله ولم يقل ان شاء الله ، فطاف عليهن فلم تحمل منهن الا امرأة واحدة جاءت بشق ولد ، رواه ابو هريرة عن النبي صلىاللهعليهوآله ، قال : ثم قال فو الذي نفس محمد بيده لو قال ان شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا ، والجسد الذي القى على كرسيه كان هذا.
٤٨ ـ ومنها ما روى ان الجن والشياطين لما ولد لسليمان عليهالسلام ابن قال بعضهم لبعض : ان عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء ، فأشفق عليهالسلام منهم عليه فاسترضعه في المزن وهو السحاب ، فلم يشعر الا وقد وضع على كرسيه ميتا تنبيها على ان الحذر لا ينفع عن القدر ، وانما عوتب عليهالسلام على خوفه من الشياطين وهو المروي عن أبي عبد الله عليهالسلام.
٤٩ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي رحمهالله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليهمالسلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم
__________________
(١) وفي بعض النسخ «الشيطان» بدل الحوت وهو الصحيح وفي المصدر «الجن» بدل «الحوت».
(٢) الوقاف : المحجم عن القتال. المتأنى.