امرأته قالت : من أين جئت؟ قال : من عند رب تلك النار ، قال : فغدا الى فرعون فو الله لكأنى انظر اليه طويل الباع (١) ذو شعر أدم ، عليه جبة من صوفف عصاه في كفه مربوط حقوه بشريط (٢) نعله من جلد حمار شراكها من ليف ، فقيل لفرعون : ان على الباب فتى يزعم انه رسول رب العالمين فقال فرعون لصاحب الأسد : خل سلاسلها وكان إذا غضب على رجل خلاها فقطعته ، فخلاها فقرع موسى الباب الاول وكانت تسعة أبواب فلما قرع الباب الاول انفتحت له الأبواب التسعة ، فلما دخل جعلن يبصبصن تحت رجليه كأنهن جراء (٣) فقال فرعون لجلسائه : رأيتم مثل هذا قط؟ فلما أقبل اليه قال : ألم نريك فينا وليدا الى قوله : (وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) فقال فرعون لرجل من أصحابه : قم فخذ بيده وقال للآخر : اضرب عنقه ، فضرب جبرئيل السيف حتى قتل ستة من أصحابه فقال : خلوا عنه ، قال : فأخرج يده فاذا هي بيضاء قد حال شعاعها بينه وبين وجهه والقى العصا فاذا هي حية فالتقمت الأبواب بلحييها ، فدعاه ان يا موسى : أقلني الى غد ثم كان من أمره ما كان.
١٦ ـ في عيون الاخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضا عليهالسلام عند المأمون في عصمة الأنبياء عليهمالسلام باسناده الى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليهالسلام فقال له المأمون : يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون قال : بلى قال : فما معنى قول الله عزوجل الى ان قال : فما معنى قول موسى لفرعون : (فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ)؟ قال الرضا عليهالسلام : ان فرعون قال لموسى لما أتاه : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) قال موسى فعلتها و (أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) عن الطريق بوقوعي الى مدينة من مدائنك (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً) وجعلنى من المرسلين وقد قال الله تعالى لنبيه محمد صلىاللهعليهوآله (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً
__________________
(١) فلان طويل الباع اى كريم واسع الخلق.
(٢) الحقو : موضع الإزار وهو الحفر. والشريط : الخوص المفتول يشرط به.
(٣) بصبص الكلب : تحرك ذنبه والجراء جمع الجرو : أولاد السباع.