البحث الثامن عشر
تقديم قول الأضبط ونصّ أحد على ظاهر غيره
قال السّيد الأستاذ الخوئي رحمهالله :
|
إنّك قد عرفت من الشّيخ قدسسره تضعيف عبد الله بن أبي زيد ، وعرفت من النجّاشي توثيقه ، وقد يقال : إنّ توثيق النجّاشي لأضبطيته يتقدّم على تضعيف الشّيخ. وهذا كلام لا أساس له ، فإنّ الأضبطية لو أفادت فإنّما تفيد في مقام الحكاية لا في مقام الشّهادة ، وبعدما كان كلّ من الشّيخ والنجّاشي قدسسره يعتمد على شهادتهما لا يكون وجه لتقديم أحدهما على الآخر فهما متعارضتان : وبالنتيجة : لا يمكن الحكم بوثاقة عبد الله بن أبي زيد. وقد يتوهّم إنّ كلام النجّاشي بما أنّه صريح في وثاقة عبد الله في الحديث يتقدّم على كلام الشّيخ في التّضعيف فإنّه ظاهر في الضّعف من جهة الرّواية والحديث ، إذ من المحتمل إرادة أنّه ضعيف في مذهبه ، والنّصّ يتقدّم على الظّاهر. والجواب عن ذلك أوّلا : إنّ تقدّم النص على الظاهر إنّما هو لأجل قرينيّته على إرادة خلاف الظاهر من الظّاهر ، وهذا إنّما يكون في ما إذا كان الصّريح والظّاهر في كلام شخص واحد أو في كلام شخصين يكونان بمنزلة شخص واحد كما في المعصومين عليهمالسلام ، وأمّا في غير ذلك ، فلا مناص من أن يعامل معاملة التّعارض والوجه فيه ظاهر. (١) |
أقول : ما أفاده أخيرا متين لا غبار عليه ، وأمّا ما أفاده أوّلا ، فلم نفهمه فإنّ التّوثيق والتّجريح لا يبتنيان على باب الشّهادة ، بل يبتنيان على باب الحكاية ومطلق النبأ وخبر الواحد في
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١٠ / ٩٦ و ٩٧.